الأمر سلطة كبرى فى تحديد عقوبات الجرائم التعزيرية فإذا عاقب عليها بعقوبة السرقة فإن أمره يجب أن يطاع.
وإذا قارنا الشريعة الإسلامية بالقانون المصرى فيما يختص بالسرقات وجدنا أن الشريعة تعاقب على نفس الأفعال التى يعاقب عليها القانون باعتبارها سرقة, فالشريعة تعاقب على أخذ المال خفية (السرقة الصغرى) , وعلى أخذه مغالبة أى بإكراه وتهديد فى طرق العامة وغيرها (السرقة الكبرى أو الحرابة) , وعلى أخذه بغير استخفاء وبغير مغالبة (الاختلاس) , وكذلك القانون يعاقب على اختلاس المال سواء كان الاختلاس بعلم المجنى عليه أو بغير علمه, أى سواء أخذ خفية أو غير خفية, ما دام ذلك دون رضاه وبغير إكراه, ويعتبر القانون الأفعال التى من هذا النوع جنحاً, كذلك يعاقب القانون على الاختلاس مغالبة أى بإكراه أو تهديد فى الطرق العمومية وغيرها وتعتبر الأفعال التى من هذا النوع جنايات.
ولقد كانت القوانين الوضعية تعاقب حتى الثورة الفرنسية على اختلاس منفعة الشىء على اختلاس حق حيازته, على اعتبار أن اختلاس المنفعة واختلاس الحيازة سرقة, كذلك كانت هذه القوانين تخلط بين السرقة والتبديد والغصب وتعتبرها جميعاً سرقة متأثرة فى ذلك بأحكام القانون الرومانى الذى أخذت عنه, أما الشريعة الإسلامية فإنها على قدمها وقد وجدت من أكثر من ثلاثة عشر قرناً لم تخلط بين سرقة الشىء والانتفاع به أو استرداد حيازته, ولم تخلط بين السرقة وبين الجرائم الأخرى الواقعة على الأموال كالغصب والتبديد.
وسنرى عندما نستعرض الأفعال المكونة لجريمة السرقة على وجه التفصيل أنها لا تختلف شيئاً عما وصلت إليه أرقى القوانين الوضعية الحديثة, ولست أريد من هذا أن أبين للناس مدى دقة فقه الشريعة وصفاته وإنما أريد أن أبين للناس أن القانون الوضعى حين يتطور مرة بعد مرة إنما يسير فى أثر الشريعة ويأخذ بمبادئها. وحين يقال إنه وصل إلى الكمال يكون قد أوشك