للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن تعطلت سيارته فى الطريق العام فتركها بلا حافظ عندها فهى فى غير حرز, وإن ترك عندها ما يحفظها فهى فى مكان محرز بالحافظ. والمسجد ليس مكاناً معداً لحفظ المال ولا يتوقف الدخول فيه على إذن ما فلا يعتبر حرزاً بنفسه إلا فيما يتعلق بالأشياء اللازمة له كالحصر والقناديل وما أشبه, فمن دخل للصلاة ومعه متاع فوضعه بجواره فإن المتاع يكون محرزاً بالحافظ فإذا تركه فى المسجد فسرق فلا قطع فيه لأن المسجد ليس حرزاً بنفسه ولأن الحافظ لم يكن موجوداً وقت السرقة فلم يكن المتاع محرزاً, أما إذا سرق المتاع فى حالة وجود الحافظ فالقطع واجب فى السرقة إذا توفرت أركانها. ومن الأمثلة على ذلك حادثة صفوان فقد كان نائماً فى المسجد يتوسد رداءه فسرقه سارق فقطع الرسول يده. أما مالك والشافعى وأحمد فيرون أن الحرز بالحافظ هو كل مكان محرز بالحافظ سواء كان معداً لإحراز المال كالبيوت أو غير معد لحفظ المال كالمساجد والطرق والصحراء (١) .

ويرى أبو حنيفة أن ما يعتبر حرزاً بنفسه لا يشترط فيه وجود الحافظ لصيرورته حرزاً ولو وجد فلا عبرة لوجوده بل هو والعدم سواء, ذلك أن كل واحد من الحرزين معتبر بنفسه على حياله بدون صاحبه فإذا سرق شخص من حرز بالمكان قطع سواء أكان ثمة حافظ أو لا وسواء كان الحرز له باب مغلق أو لا باب له, وإذا سرق من حرز بغير قطع إذا كان الحافظ قريباً منه بحيث يراه سواء كان الحافظ نائماً أم مستيقظاً لأنه يقصد الحفظ فى الحالين, ويرتب أبو حنيفة على اعتبار كل حرز بنفسه نتيجة هامة هى أن الحرز بالمكان إذا اختل - وهو لا يختل عنده إلا بالإذن للسارق فى دخول الحرز - فلا يمكن اعتباره حرزاً بالحافظ ولو كان بالحرز حافظ فعلاً (٢) .

أما الأئمة الثلاثة فلا يرون اعتبار كل حرز بنفسه, ويجوز عندهم أن يكون


(١) المغنى ج١٠ ص٢٥١, أسنى المطالب ج٤ ص١٤١, ١٤٣, شرح الزرقانى ص١٠١, ١٠٣.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٣, ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>