للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له. والحكم عند مالك لا يختلف عن الحالة السابقة لأنه لا يفرق بين المنازل الداخلة فى العمران والخارجة عنه, فالبيت حرز بنفسه فى كل حال, وإذا بطل الحرز بالإذن فهو حرز بالحافظ كلما وجد الحافظ. أما عند الشافعى وأحمد فالبيت لا يعتبر أصلاً حرزاً بنفسه لبعده عن العمران, فالإذن بدخوله كعدم الإذن لا أثر له, ولا يقطع فى السرقة من مثل هذا البيت إلا إذا كان ثمة حافظ على التفصيل الذى سبق بيانه عندما تعرضنا للحافظ وللبيوت الخارجة عن العمران. والخلاصة أن البيت البعيد عن العمران لا يعتبر عند الشافعى وأحمد حرزاً بنفسه بأى حال وإنما يعتبر حرزاً بالحافظ إذا وجد الحافظ (١) .

ورأى الشيعة الزيدية فى هذه المسألة يتفق مع رأيهم فى مسألة السابقة لأنهم لا يفرقون بين ما دخل فى العمران وما خرج عنه, وإذا أذن للسارق إذناً خاصاً فى دخول الدار الكائنة فى العمران وكان فيها غرف مقفلة أو خزائن مغلقة فسرق من هذه الغرف المقفلة أو من الخزائن, فيرى أبو حنيفة أن لا قطع على السارق ما دام المكان المسروق منه جزءاً من الدار المأذون فى دخولها لأن الدار الواحدة حرز واحد, والإذن بدخول بعض الحرز هو إذن بالدخول فى الحرز, فإذا سرق من مكان مغلق فقد سرق من مكان مأذون له فى دخوله وقد بطل بالإذن أن يكون حرزاً فالسرقة من غير حرز ولو كان هناك حافظ (٢) , ورأى الشيعة الزيدية يتفق مع رأى أبى حنيفة (٣) إلا إذا كان حافظ فيجب القطع.

وفى مذهب مالك رأيان: أحدهما يرى عدم القطع لأن الإذن يبطل الحرز, والثانى يرى القطع, على أن أصحاب الرأى الأول يرون القطع إذا كان ثمة حافظ (٤) .


(١) أسنى المطالب ج٤ ص١٤٣, كشاف القناع ج٤ ص٨١, نهاية المحتاج ج٧ ص٤٢٩, المغنى ج١٠ ص٢٥١.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٤.
(٣) شرح الأزهار ج٧ ص٣٧٢.
(٤) شرح الزرقاني, وحاشية الشيبانى ج٨ ص١٠٣, ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>