للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده, ويسرق الحبل فتقطع يده" (١) .

وجمهور الفقهاء على اشتراط النصاب بوجوب القطع فى السرقة إلا ما روى عن الحسن البصرى وداود وما عرف عن الخوارج من وجوب القطع فى سرقة القليل والكثير, وحجتهم إطلاق قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ} [المائدة:٣٨] , كما استدلوا بحديث أبى هريرة: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده, ويسرق الحبل فتقطع يده". ولكن جمهور الفقهاء يرون أن إطلاق الآية مقيد بأحاديث الرسول التى سبق ذكرها, ويرون أن حديث أبى هريرة أريد به تحقير شأن السارق والتنفير من السرقة (٢) .

وإذا كان جمهور الفقهاء يشترط النصاب فى القطع إلا أنهم اختلفوا فى تحديد مقدار هذا النصاب, فيرى مالك أن القطع يجب فى ثلاثة دراهم من الفضة وربع دينار من الذهب, فإذا كان المسروق من غير الذهب أو الفضة قُوم بالدراهم لا بالذهب إذا اختلفت قيمة الثلاثة دراهم مع الربع دينار ولاختلاف الصرف مثل: أن يكون الربع فى وقت درهمين ونصفًا, فإذا ساوى المسروق ثلاثة دراهم قطع وإن لم يساو ربع دينار, وإن ساوى ربع دينار ولم يساو ثلاثة دراهم لم يقطع (٣) .

فالقاعدة عند مالك أن كل واحد من الذهب والفضة معتبر بنفسه, وقد روى عنه بعض البغداديين أنه ينظر فى تقديم العروض إلى الغالب فى نقود أهل البلد, فإذا كان الغالب دراهم قومت بالدراهم وإن كان الغالب الدنانير قومت بالدنانير, والمشهور هو الرأى الأول.

ويرى الشافعى أن القطع يجب فى ثلاثة دراهم من الفضة وربع دينار من الذهب كما يرى مالك, ولكن الشافعى يرى أن الأصل فى تقويم الأشياء هو الذهب فالربع دينار أصل للدراهم ومن ثم فلا يقطع عنده إلا فيما يساوى ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار, وإذا كانت السرقة من غير الذهب قومت بالذهب (٤) .

وفى مذهب أحمد روايتان: الأولى: أن النصاب الذى يقطع فيه هو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة أو ما قيمته ثلاثة دراهم من غيرهما, وهذا هو مشهور مذهب مالك. الثانية: أن النصاب الذى يقطع فيه هو ربع


(١) نيل الأوطار ج٧ ص٣٦ وما بعدها.
(٢) نيل الأوطار ج٧ ص٣٦, ٣٩, بداية المجتهد ج٢ ص ٣٧٣.
(٣) حاشية الشيبانى ج٨ ص ٩٤.
(٤) المهذب ج٢ ص ٢٩٤, نهاية المحتاج ص٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>