للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا أحد الرأيين فى مذهب أبى حنيفة, أما الرأى الأخر فيستوجب علم السارق بحقيقة قيمة المسروق, فإن كان يعلم بوجود النقود فى جيب الثوب قطع وإن لم يكن يعلم لم يقطع لأنه قصد سرقة الثوب فقط وهو لا يبلغ النصاب ولا قطع فيه وحده, أما لو سرق غرارة أو صندوقًا أو جرابًا به مال كثير ولو لم يكن عالمًا بحقيقة ما فى الغرارة أو الجراب أو الصندوق لأنه قصد بالسرقة المظروف لا الظرف, ويستدل على القصد بالظروف والقرائن (١) .

ويستوجب أحمد للقطع العلم بقيمة المسروق, فلو سرق منديلاً شد عليه دينار قطع إن علم بالدينار وإن لم يعلم به فلا قطع (٢) .

ويرى أن الجانى يؤخذ بقصد السرقة ولا عبرة بظنه أن قيمة المسروق تقل عن نصاب إلا إذا صدق العرف فى هذا الظن, فلو م يده فى جيب شخص فأخذ منه نقودًا وهو يظنها نحاسية قطع لأن العرف لم يجر على وضع النقود النحاسية وحدها فى الجيب بل يوضع فيه كل أنواع النقود, ولو سرق ثوبًا وهو لا يساوى نصابًا فارغًا ولكن فى جيبه نقود تبلغ نصابًا قطع ولو ظن أن الثوب فارغ لأن العرف جرى على وضع النقود فى جيوب الثياب, أما إذا سرق قطعة خشب فوجدها مجوفة وفى داخلها نقودًا تبلغ نصابًا فلا قطع إذا لم تبلغ قيمة الخشبة وحدها نصابًا إذ أنه كان يعتقد وقت السرقة انه يسرق خشبة غير مجوفة وليس فيها نقود (٣) .

ويحدث أن يكون بعض المسروق تابعًا لبعضه الآخر وأن يكون المسروق كله مما يقطع فيه كإناء من النحاس به حناء أو حمار عليه بردعة, كما يحدث أن يكون بعض المسروق تابعًا لبعضه وأن يكون بعضه فقط مما يقطع فيه كإناء من الذهب فيه خمر أو ككلب فيه طوق من الذهب. والأصل أن المقصود بالسرقة إذا كان مما يقطع فيه لو انفرد وبلغ نصابًا بنفسه يقطع السارق فيه


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٩, ٨٠.
(٢) المغنى ج١٠ ص٢٨.
(٣) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>