للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المذهب الظاهرى فيتفق مع مذهب أبى حنيفة فى هذه النقطة (١) .

ولا يكفى لتكوين جريمة السرقة أن يكون الشيء المأخوذ غير مملوك لآخذه بل يشترط أن يكون مملوكًا لغير السارق فإن لم يكن مملوكًا لأحد كالأموال المباحة أو المتروكة فإن أخذه لا يعتبر سرقة ولو كان خفية ولا يعتبر الشخص سارقًا للمال ولو لم يكن يملكه إذا له حق الانتفاع به, فالمستأجر الذى يأخذ الشيء المؤجر له والمستعير الذى يأخذ الشيء المعار والمرتهن الذى يأخذ الشيء المرهون كل هؤلاء لا يعتبر أحدهم سارقًا ولو أخذ الشيء خفية عن المالك ما دام أنه أخذه لاستفاء حقه المقرر على الشيء, على أن مالكًا يرى قطع صاحب المنفعة إذا أخذ الشيء خفية عن مالكه قبل القبض (٢) .

ويجب أن يكون الشيء المأخوذ محلاً للملك حتى يكون محلاُ للسرقة فإن لم يكن محلاً للملك فلا يعتبر محلاً للسرقة, ولم يعد الإنسان بعد إبطال الرق محلاً للسرقة لأنه لم يعد محلاً للملك ومن ثم فلا يعتبر سرقة أخذ الأطفال خفية ولا أخذ الرجال والنساء بصفة عامة أيًا كان جنسهم أو لونهم أو دينهم, وقبل إبطال الرق كان العبيد والإماء محلاً للسرقة فى الشريعة باعتبارهم مالاً من وجه يمكن التصرف فيه كأى مال آخر, أما بعد إبطال الرق فلا يعتبر الإنسان مطلقًا محلاً للسرقة عند جمهور فقهاء المسلمين وعند أبى حنيفة والشافعى وعلى الرأى الراحج فى مذهب أحمد ومذهب الشيعة الزيدية, أما مالك فيخالف فى هذا الاتجاه ويعتبر سرقة يقطع فيها آخذ طفل خفية ذكرًا كان أو أنثى يمكن خداعه أو أخذ مجنونًا صغيرًا كان أو كبيرًا من حرز مثله كأن كان مع أهله أو مع كبير حافظ, فإن كان الطفل كبيرًا أو واعيًا أو لم يكن فى حرز مثله فلا قطع, ويرى الظاهريون كما يرى مالك القطع فى سرقة الحر الصغير وهو يوافق الرأى المرجوح فى مذهب أحمد ومذهب الشيعة الزيدية (٣) .

ورأى


(١) المحلى ج١١ ص١٥١.
(٢) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٦, شرح الأزهار ج٤ ص٣٦٥.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٧, أسنى المطالب ج٤ ص١٣٩, نهاية المحتاج ج٧ ص٤٣٨, المغنى ج١٠ ص٢٤٥, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٤, ١٠٣, المحلى ج١١ ص٣٣٧, شرح الأزهار ج٤ص٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>