للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجاني, ولكن أبا يوسف يرى القطع فى حالة الإقرار (١) , ولا قطع, كذلك إذا كان السارق ممن أُوقف عليهم المال المسروق فإن لم يكن منهم قطع, وهذا ما يقتضيه تعريف السرقة وتعريف المال الموقوف فى المذهب فهم يعرفون السرقة بأنها أخذ العاقل البالغ عشرة دراهم أو مقدارها خفية عمن هو مقصد للحفظ ما لا يتسارع إليه الفساد من المال المتمول للغير من حرز بلا شبهة (٢) , ويعرفون الوقف بأنه حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة (٣) , سواء سرق العين الموقوفة أو منفعتها فهو يسرق ملك الغير ولا شبهة له فى سرقته ما دام غير مستحق فيه فيقطع بالسرقة, ولا يعتبر الشخص سارقًا للمال إذا كان يملكه ولو كان للمجنى عليه حق الانتفاع به؛ فالمؤجر الذى يأخذ المال المؤجر من المستأجر, والمعير الذى يأخذ المال المعار من المستعير, والمدين الذى يأخذ المال المرهون من الدائن المرتهن أو الأمين على الرهن, والغاصب الذى يأخذ ماله المغصوب من الغاصب, وصاحب المال الذى يأخذ ماله المسروق من السارق - كل هؤلاء لا يعتبر سارقًا ولو أخذ المال خفية لأنه أخذ ما يملكه (٤) .

ولا يقطع السارق إذا كان له شبهة الملك فى الشيء المسروق وإنما عليه التعزير فقط كسرقة الوالد من ولده لأن للوالد فى مال ولده تأويل الملك أو شبهة الملك لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك" (٥) , ولا يقطع السارق عند أبى حنيفة والشافعى وأحمد والشيعة إذا سرق مالاً مشتركًا مع المجنى عليه لأن السارق يملك المسروق على الشيوع مع المجنى عليه فيكون هذا شبهة تدرأ القطع.


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٨٣.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص٢١٩, حاشية ابن عابدين ج٣ ص٢٦٥.
(٣) حاشية ابن عابدين ج٣ ص٤٩٣.
(٤) أسنى المطالب ج٤ ص١٣٨, المغنى ج١٠ ص٢٥٦, ٢٥٩, كشف القناع ج٤ ص٨٤, ٨٥, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٧, بدائع الصنائع ج ٧ ص٧٠.
(٥) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٨, أسنى المطالب ج٤ ص١٤٠, المغنى ج١٠ ص٢٨٤, بدائع الصنائع ج٧ ص٧٠, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>