للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقطع فى غيره كما هو الحال فى المال المشترك.

أما إذا كان الدَّين مؤجَّلاً فالقياس أن يقطع, ولكنهم يرون استحسانًا أن لا يقطع, لأن حق الأخذ ليس سببه حلول الأجل, وإنما سبب ثبوته هو قيام الدين فى ذمة المسروق منه, ووجود الأصل لا أثر له على قيام الدين وإنما أثره فى تأخير المطالبة بالدين, فقيام سبب ثبوت الدين يورث شبهة والشبهة تمنع القطع.

وإن سرق خلاف جنس حقه بأن كان عليه دراهم فسرق دنانير أو عروضًا قطع, لأنه لا يملكه بنفس الأخذ, بل بالاستبدال والبيع, فكان سارقًا ملك غيره, لكنه إذا دفع التهمة بأنه أخذه استيفاء لحقه فلا يرى البعض قطعه لأنه يعتبر متأولاً إذ اعتبر المعنى, وهو المالية لا الصورة, والأموال كلها فى معنى المالية متجانسة, وإذا كان الأخذ عن تأويل لا يقطع (١) .

وعن أبى يوسف أنه لا يقطع إذا أخذ خلاف جنس حقه, لأن بعض العلماء فى المذاهب الأخرى يجيزون لمن ظهر بغير جنس حقه أن يأخذه استفاء بحقه, ولكن المذهب على خلاف رأى أبى يوسف.

وإذا سرق الجانى من مدين أبيه أو من مدين ولده قطع ما لم يقم دليلاً على أنه وكيل عنه أو وصى عليه.

ويشترط أبو حنيفة أن يكون للمسروق منه يد صحيحة على الشيء المسروق, يد المالك أو يد الأمانه كالمودع, أو يد الضمان كيد الغاصب والقابض على رسوم الشراء, لأن منفعة يد الغاصب عائده للمالك, والمغصوب مضمون عليه, وضمان الغصب عند أبى حنيفة ضمان ملك, فأشبهت يد الغاصب يد المشترى, كذلك فإن المقبوض على رسوم الشراء مضمون على القابض. ويرتب أبو حنيفة على هذا الشرط ألا قطع على السارق من سارق, لأن يد الأخير ليست صحيحة فلا هى يد ملك ولا أمانه ولا ضمان, ولكن إذا درئ القطع عن السارق الأول قطع الثاني, لأن درء الحد عن السارق الأول يجعله ضامنًا للمسروق, ويد الضمان


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٧١, ٧٢, شرح فتح القدير ج٤ ص٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>