للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمجرد الادعاء دون حاجة لأن يقيم دليلاً على صحة ادعائه, وتكون العقوبة التعزير, لأن المسروق منه قد صار خصمًا له فى ملكية الشيء المسروق, فإن ادعى عليه ما لو أقر به لزمه ويتمكن من إثباته عليه بالبينة, وإن طلب يمينه كان له أن يستحلف عليه, وبعدما آل الأمر إلى الخصومة لا يستوفى الحد, لأن المسروق منه إذا وجه اليمين للمتهم على ملكية الشيء فامتنع عن حلفها قضى عليه بالنكول, وإن ردها على المسروق منه فحلفها قضى عليه باليمين, فالقول بالقطع عند الادعاء بملكية المسروق يؤدى إلى استفاء الحد باليمين والنكول (١) .

ويرى الشافعى أن ادعاء السارق بملكية المسروق أو ملكية الحرز, أو أنه أخذه من الحرز بإذنه, أو أنه أخذه والحرز مفتوح, أو صاحبه معرض عن الملاحظة, أو أنه دون النصاب, سقط عنه القطع بمجرد دعواه وإن ثبتت السرقة بالبينة لاحتمال صدقه فصار شبهة دارئة للقطع, لأنه صار خصمًا, ولا يستفصل بعد ثبوت السرقة عن كون المسروق ملكه, وإن كان فيه سعى فى سقوط الحد عنه أنه إغراء له بادعاء الباطل, ولكن مجرد ادعائه لا يثبت له المال وإن درأ عنه القطع إلا ببينة أو يمين مردودة, فإن نكل عن اليمين المردودة لم يجب القطع لسقوطه بالشبهة (٢) .

وفى مذهب أحمد ثلاثة أراء: الرأى الأول كرأى مالك, والثانى كرأى الشافعى وهو الراجح فى المذهب, والرأى الثالث: إن كان معروفًا بالسرقة لم يسقط عنه القطع, وإن لم يكن معروفًا بها سقط عنه القطع (٣) , ومذهب الشيعة الزيدية أن الادعاء بالملكية يسقط القطع دون الحاجة لإقامة الدليل على صحة هذا الادعاء (٤) .

ويلاحظ أن سقوط القطيع ليس معناه إعفاء الجانى من المسئولية الجنائية بل يبقى مسئولاً عن جريمته ويعاقب عليها بعقوبة التعزير بدلاً من عقوبة القطع


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٧١.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص١٣٩.
(٣) المغنى ج١٠ ص٣٠١.
(٤) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>