للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقرار مرتين, وحجتهم ما روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقطع أحد السارقين إلا بعد أن اعترف مرتين أو ثلاثًا, ويترتب على اشتراط الإقرار مرتين عند القائلين به أنه لو أقر مرة واحدة لم يقطع بها, ولكنه يعزر بها ويحكم عليه بقيمة المسروق (١) .

واختلف فى اشتراط الخصومة مع الإقرار, فأبو حنيفة والشافعى وأحمد يشترطون المخاصمة مع الإقرار, فلا يقطع المقر بسرقة مال من مجهول أو من غائب إلا إذا خاصمه من يملك المخاصمة كما هو الحال فى حالة الثبوت بالبينة, ولكن أبا يوسف من فقهاء المذهب الحنفى لا يشترط المخاصمة فى حال الإقرار ويرى القطع فى السرقة من مجهول أو غائب إذا ثبتت السرقة دون حاجة للمخاصمة, وحجته فى ذلك أن المقر لا يتهم فى الإقرار على نفسه, ويحتج أبو حنيفة ومن على رأيه بأن سمرة لما أقر للرسول أنه سرق بعيرًا, أرسل الرسول يسأل المجنى عليهم فقالوا: فقدنا بعيرًا فى ليلة كذا, فقطعه.

ويحتج لذلك أيضًا بأن الظاهر أن من فى يده شيء فهو ملكه, فإن أقر به لغيره لم يحكم بزوال ملكه حتى يصدقه المقر له, والغائب يجوز أن يصدقه, ويجوز أن يكذبه, فاحتمال التكذيب شبهة تدرأ الحد عن المتهم.

وقد علمنا فيما سبق أن مالكًا لا يشترط المخاصمة للقطع سواء ثبتت السرقة ببينة أو إقرار (٢) .

وإذا أقر الجانى ورجع عن إقراره لم يقطع, لأن العدول شبهة فى صحة الإقرار, ولكن يمكن أن يعزر على أساس إقراره, وان يحكم عليه بضمان المال المسروق, وإذا عدل المتهم عن الإقرار, وكانت الجريمة ثابتة بشهادة


(١) المغنى ج١٠ ص٢٩١- ٢٩٤, شرح الأزهار ج٤ ص٣٦٤, شرح الزرقانى ج٨ ص١٠٦, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٠, بدائع الصنائع ج٧ ص٨١, ٨٢.
(٢) المغنى ج١٠ ص٣٠٠, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٠, شرح الزرقانى ج٨ ص١٠٦, بدائع الصنائع ج٧ ص٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>