للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقطعوا يده, ثم إن سرق فاقطعوا رجله, ثم إن سرق فاقطعوا يده, ثم إن سرق فاقطعوا رجله", ولأن أبا بكر وعمر قطعا فى خلافتهما اليدين والرجلين, وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "اقتدوا باللَّذَيْن من بعدى: أبى بكر وعمر" (١) .

ويشترط أبو حنيفة لقطع اليد اليمنى أن تكون اليد اليسرى صحيحة, فإن كانت مقطوعة أو شلاء مقطوعة الإبهام أو أصبعين سوى الإبهام فلا تقطع اليمنى لأن القطع للسرقة شرع للزجر لا للإهلاك, فإذا لم تكن اليسرى يمكن الانتفاع بها فإن قطع اليمنى يؤدى إلى تفويت منفعة اليدين, وهو إهلاك للنفس من وجه, وإذا كانت اليسرى كذلك فلا تقطع الرجل اليسرى أيضًا؛ لأن قطعها يؤدى إلى ذهاب أحد الشيئين على الكمال ففيه إهلاك النفس.

ويرى أبو حنيفة أيضًا أنه إذا كانت الرجل اليمنى مقطوعة أو شلاء أو بها عرج يمنع المشى عليها فلا تقطع اليد اليمنى؛ لأن فى ذلك فوات منفعة الشق, وكذلك لا تقطع رجلة اليسرى وإن كانت صحيحة؛ لأنه يبقى بلا رجلين فتفوت منفعة الجنس - أى منفعة المشي- وإن كانت رجله اليمنى مقطوعة الأصابع كلها, فإن كان يستطيع المشى عليها كلها تقطع اليد اليمني؛ لأن الجنس لا تفوت منفعته, وإن كانت يداه صحيحتين ولكن رجله اليسرى مقطوعة أو شلاء أو مقطوعة الأصابع تقطع يده اليمني؛ لأن جنس المنفعة لا يفوت وليس فيه فوات الشق, وإن كانت اليد اليمنى شلاء أو مقطوعة الإبهام أو الأصابع فإنها تقطع؛ لأن اليد السليمة تقطع فالمعيبة إذن أولى بالقطع.

ورأى أبى حنيفة فيما سبق يتفق فى مع رأى أحمد, ولكن الأخير يخالف فى أنه يعتبر اليد التى ذهب معظم نفعها فى حكم المعدومة, فلا يعتبر معدومة ما ذهب منها خنصر أو بنصر أو إبهام, أما أبو حنيفة فيعتبر فى حكم المعدوم


(١) شرح الزرقانى ج٢ ص٩٢, ٩٣, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>