للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون كذلك إذا كان مسلمًا أو ذميًا, أما إذا كان حربيًا أو بغيًا فلا عصمة له, وإذا كان حربيًا مستأمنًا فهو معصوم, ولكن هناك خلافًا على توقيع عقوبة الحد فى ارتكاب الجريمة عليه, وقد أن ذكرنا الآراء المختلفة فى شأنه فى السرقة (١) .

وللمقطوع عليه أن يقتل القاطع ويدفعه عن نفسه وماله, ويستحب للمجنى عليه أن يناشد المحارب أن يرجع عن جريمته, فإن لم يكن فى الأمر مهلة ففرض على المجنى عليه أن يبادر إلى كل ما يمكنه به الدفاع عن نفسه, ما يغلب على ظنه أنه يندفع به, فإن اندفع بالقول والتهديد لم يكن له أن يضربه, وإن كان يندفع بالضرب لم يكن له أن يقتله, فإن كان لا يندفع إلا بالقتل أو خاف أن يبدأه بالقتل أو لم يعاجله بالدفع فله أن يضربه بما يقتله, والأصل فيما سبق أن المحارب حين يقصد قتل إنسان أو سلب ماله لا يُهدر دمه بهذا القصد فى ذاته وإنما الذى يهدر دم المحارب هو عدم إمكان دفعه إلا بالقتل لأن القتل يصبح من ضروريات الدفع, على أن المحارب يهدر دمه إذا ارتكب من الحرابة ما يوجب حد القتل, فإذا عدا عليه شخص فقتله فلا قصاص عليه وإنما يعزر لافتياته على السلطات العامة (٢) .

٦٣٧- الأدلة على جريمة الحرابة: تثبت جريمة الحرابة بالبينة والإقرار, ويكفى فى حالة البينة شهادة شاهدين, وما قيل عن البينة والإقرار فى السرقة يقال هنا. ويجوز أن يكون الشاهدان من الرفقة الذين قاتلوا المحاربين أو وقعت عليهم الحرابة على أن لا يشهدا لأنفسهما بشيء ويجوز أن يشهد لهما غيرهما, وإذا لم يتوفر نصاب الشهادة فكان شاهد واحد, أو شاهد وامرأة, أو شاهد رؤية وشاهد سماع, وكان الشهود سماعيين أو لم يكن ثمة شهود, وكان المتهم مقرًا ثم عدل عن إقراره - فى هذه الحالات وأمثالها يعاقب المحارب عقوبة تعزيرية لأن التعزير يثبت بما يثبت


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٩١.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٢, ٩٣, شرح الزرقانى ج٨ ص١٠٩, ١١٠, المدونة ج١٦ ص١٠٤, وقد سبق الكلام على قطع السارق والحكم واحد فى الحالتين, ويراجع كتاب التشريع الجنائي, والمحلى لابن حزم ج١١ ص٣١٤, المغنى ج١١ ص٣٥٢, أسنى المطالب ج٤ ص١٦٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>