للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم فيما عليهم من جرائم إلى حكم غير القطاع وإلى حكم جرائمهم الخاص. وتراعى فى حالة القصاص والمكافأة عند جميع القائلين بها فى حالة التوبة والرجوع عن الإقرار. وإذا كانوا أخذوا المال وجرحوا فحكم المال ما سبق, وحكم الجراحات القصاص فيما يستطاع فيه القصاص, والدية فيما فيه الدية, كما لم كانت الجراحات حدثت من غير قطع الطريق (١) , ويلاحظ أن بعض الشيعة الزيدية يرون أنه يسقط من حقوق الأفراد ما أتلفه المحارب حالاً حكمًا كمال استهلكه أو هلك فى يده لا كمالٍٍ تصرف فيه بمقابل.

٦٥٥- هل مسئولية القطاع الجنائية تضامنية؟: القاعدة العامة فى الحدود أن الحد لا يجب إلا على مباشِره فقط. ويرى مالك وأبو حنيفة وأحمد أن يُحَدَّ الرِّدْء والمعين والطليعة كما يحد مباشر الحرابة. والرِّدْء هو الذى يلجأ إليه المحارب إذا هرب أو هزم, والطليعة هى التى تتطلع الطريق وتأتى بالأخبار, والمعين هو من يحضر وقت الجريمة ولو أنه لم يباشر الفعل بنفسه. وحجتهم أن المحاربة مبنية على حصول المنفعة والمعاضدة والمناصرة فلا يتمكن المباشر من فعله إلا بقوة هؤلاء جميعًا ومعاونتهم بخلاف سائر الحدود, فعلى هذا إذا قتل واحد منهم ثبت حكم القتل فى حق جميعهم ووجب قتلهم جميعًا حدًا لا تعزيرًا, وإن أخذ بعضهم المال دون بعض ثبت الأخذ فى حقهم جميعًا ووجب على جميعهم القطع, وإن قتل بعضهم وأخذ بعضهم المال قتلوا جميعًا وصلبوا كما لو فعل كل منهم الأمرين معًا, فالمحاربون جميعًا المباشرون والمتسببون مسئولون جنائيًا عن الفعل الذى باشره غيره. ويذهب المالكيون فى اعتبار التسبب إلى حد بعيد بحيث يعتبرون متسببًا فى الجريمة من يتقوى المحاربون بجاهه ولو لم يأمر بقتل أو يتسبب فيه بفعل ما دام جاهه قد أعان على الحادث حكمًا.

وإذا كان فى المحاربين صبى أو مجنون أو من لا حد عليهم, فيرى أبو حنيفة وأحمد أن لا حد عليهما لأنهما ليسا من أهل الحد ولا حد على غيرهما ممن باشر الجريمة أو أعان عليها أو تسبب فيها. ويرى أبو يوسف هذا الرأى إذا كان الصبى أو المجنون هو الذى باشر الجريمة وحده, فإن كان المباشر غيرهما فالحد على العقلاء البالغين دون غيرهم (٢) . وحجة أبى حنيفة أن مسئولية الجميع واحدة فالشبهة فى فعل أحدهم شبهة فى حق الجميع. وحجة أبى يوسف انه إذا كان المباشر هو الصبى أو المجنون فهو الأصل والباقون تبع فإذا سقط الحد عن الأصل سقط عن التابع. ويرى أحمد رأى أبى يوسف فعنده أنه لا حد على الصبى والمجنون وإن باشرا القتل وأخذا المال لأنهما ليسا من أهل الحدود وعليهما ضمان ما أخذا من المال فى أموالهما ودية قتلهما على عاقلهما ولا شيء على الردء لهما لأنه إذا لم يثبت الحد على المباشر لم يثبت لمن هو تبع له بطريق أولى, أما إذا كان المباشر غيرهما لم يلزمهما شيء لأنهما لم يثبت فى حقهما حكم المحرابة وثبوت الحكم فى حق الرِّدْء يثبت بالمحاربة (٣) .

ولا يحد مالك الصبى والمجنون ولكنه يرى الحد على غيرهما فى كل حال, سواء باشر الصبى والمجنون أو لم يباشرا.

وإذا كان فى المحاربين امرأة فيرى أبو حنيفة


(١) المغنى ج١٠ ص٣١٨ وما بعدها, بدائع الصنائع ج٧ ص٩١, شرح الزرقانى ج٨ ص١١٠.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٩١.
(٣) المغنى ج١٠ ص٣١٨, ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>