للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ} [المائدة:٩٣] , فلم يكفروا بفعلهم وعرفوا تحريمها فتابوا وأقيم عليهم حد الخمر باعتبارهم عاصين. ومن استحل محرمًا يجهل تحريمه فلا يعتبر مرتدًا إذا ثبت أنه يجهل التحريم ويعرف أن الفعل محرم, فإذا عاد له مستحلاً إياه فهو كافر لا شك فى كفره, أما إن أتاه غير مستحل له فهو عاصٍ لا كافر (١) .

ويعتبر راجعًا عن الإسلام من امتنع عن إتيان فعل يوجبه الإسلام إذا أنكر هذا الفعل أو جحده أو استحل عدم إتيانه؛ كأن يمتنع عن أداء الصلاة أو الزكاة أو الحج جاحدًا لها منكرًا إياها. وكذلك الامتناع عن كل ما أوجبته الشريعة وأجمع على وجوبه. ويعتبر الممتنع كافرًا إذا كان ممن لا يجهل مثله ذلك, فإن كان ممن لا يعرف الوجوب كحديث عهد بالإسلام أو ناشئ بغير داره أو ببادية بعيده عن الأمصار وأهل العلم, لم يحكم بكفره, ويعرَّف ذلك وتبين له أدلة وجوب ما ينكره, فإن جحد بعد ذلك كفر, أما إذا كان الجاحد ناشئًا فى الأمصار بين أهل العلم بالشريعة فإنه يكفر بمجرد الجحد, وكذلك الحكم فى مبانى الإسلام كلها ومبادئه الأولية المتفق عليها؛ لأن أدلة وجودها لا تكاد تخفى والكتاب والسنة مشحونان بأدلتها والإجماع منعقد عليها فلا يجحدها إلا معاند للإسلام ممتنع عن التزام أحكامه, غير قابل لكتاب الله تعالى ولا سنة رسوله ولا إجماع أمته (٢) .

ومن الأمثلة الظاهرة على الكفر بالامتناع فى عصرنا الحاضر الامتناع عن الحكم بالشريعة الإسلامية وتطبيق القوانين الوضعية بدلاً منها, والأصل فى الإسلام أن الحكم بما أنزل الله واجب وأن الحكم بغير ما أنزل الله محرم,


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٩, ٢٨٠, شرح الزرقانى ج٨ ص٦٢, ٦٥, نهاية المحتاج ج٧ ص٣٩٥, ٣٩٦, أسنى المطالب ج٤ ص١١٦, ١١٨, حاشية ابن عابدين ج٣ ص٣٩١, ٣٩٣, المغنى ج١٠ ص٨٥, كشاف القناع ج٤ ص١٠١-١٠٣, شرح الأزهار ج٤ ص٥٧٥-٥٧٧.
(٢) نفس المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>