للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطبيقها كان سبب تأخر المسلمين وانحطاطهم, أو أنه لا يصلح المسلمين إلا التخلص من أحكام الشريعة والأخذ بأحكام القوانين الوضعية.

ويلاحظ أن الاعتقاد المجرد لا يعتبر ردة يعاقب عليها ما لم يتجسم فى قول أو عمل, فإذا لم يتجسم الاعتقاد الكفرى فى قول أو عمل فلا عقاب عليه, لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عفا لأمتى عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم", فإذا اعتقد المسلم اعتقادًا منافيًا للإسلام أيًا كان هذا الاعتقاد فهو لا يخرجه عن الإسلام إلا إذا أخرجه من سريرته فى قول أو عمل, فإذا لم يخرجه من سريرته فهو مسلم ظاهرًا فى حكم الدنيا, أما فى الآخرة فأمره لله فإذا أظهر اعتقاده المنافى للإسلام فى قول أو فعل وثبت ذلك عليه فقد ثبتت عليه الردة.

ويختلف الفقهاء فى ماهية السحر وفى حكم الساحر, فأما فى ماهية السحر فإنهم يسلمون للسحر أثره, ولكنهم اختلفوا فيما إذا كان حقيقة أو تخيلاً فرأى البعض أن السحر لا حقيقة له وإنما هو تخيل واحتجوا بقول الله جل شأنه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه:٦٦] , ورأى البعض أن السحر له حقيقة واحتجوا بقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ} [الفلق:٤] , أى السواحر, وقالوا: لو أن للسحر حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه, كما احتجوا بقوله تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} إلى قوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة:١٠٢] , وقالوا إن من المشهور بين الناس عقد الرجل عن امرأته حين يتزوجها فلا يقدر على إتيانها وحل عقده فيقدر عليها بعد عجزه عنها حتى صار متواترًا لا يمكن جحده.

ومن المتفق عليه أن تعلُّم السحر وتعليمه حرام, واعتقاد إباحته كفر, ولكنهم اختلفوا فى حكم الساحر, فرأى مالك وأبو حنيفة وأحمد أن الساحر

<<  <  ج: ص:  >  >>