١١٨ - دلالة نصوص القرآن قطعية وظنية: وإذا كانت نصوص القرآن قطعية فإن دلالتها على معانيها قد تكون قطعية وقد تكون ظنية. فإن كان النص دالاً على معناه ولا يحتمل التأويل كانت دلالته قطعية، مثل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور: ٤] فدلالة ثمانين على العدد قطعية، ودلالة أبداً على التأبيد قطعية. وإن كان النص دالاً على معناه ولكنه يحتمل التأويل كانت دلالته ظنية، كقوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}[البقرة: ٢٢٨] فلحفظ القرء قد يعني الحيض وقد يعني الطهر، ومن ثم فدلالته على معناه ظنية لا قطعية، إذ من المحتمل أن يكون المراد من اللفظ الحيض، ومن المحتمل أن يكون المراد الطهر.
١١٩ - أحكام القرآن شرعت للدنيا والآخرة: وأحكام القرآن على نوعين: أحكام يراد بها إقامة الدين وهذه تشمل أحكام العقائد والعبادات. وأحكام يراد بها تنظيم الدولة والجماعة، وتنظيم علاقة الأفراد بعضهم ببعض، وهذه تشمل أحكام المعاملات والعقوبات والأحكام الشخصية والدستورية والدولية ... إلخ.
وأحكام القرآن على تنوعها وتعددها أنزلت بقصد إسعاد الناس في الدنيا والآخرة، ومن ثم كان لكل عمل دنيوي وجه أخروي، فالفعل التعبدي أو المدني أو الجنائي أو الدستوري أو الدولي له أثره المترتب عليه في الدنيا من أداء الواجب، أو إفادة الحل والملك أو إنشاء الحق أو زواله، أو توقيع العقوبة، أو ترتيب المسئولية ... الخ، ولكن هذا الفعل الذي يترتب عليه أثره في الدنيا له أثر