للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٦٧، ٦٨] .

وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا * فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٤، ٦٥] .

١٢٢ - ميزات الشريعة: وتمتاز الشريعة الإسلامية عن الشرائع الوضعية بميزات عظيمة هي أن أحكامها شرعت للدنيا والآخرة. وهذا هو السبب الوحيد الذي يحمل معتنقيها على طاعتها في السر والعلن والسراء والضراء؛ لأنهم يؤمنون بأن الطاعة نوع من العبادة يقربهم إلى الله، وأنهم يثابون على هذه الطاعة، ومن استطاع منهم أن يرتكب جريمة ويتفادى العقاب الدنيوي فإنه لا يرتكبها مخافة العقاب الأخروي وغضب الله عليه.

والشريعة تلزم معتنقيها أن يتخلقوا بالأخلاق الفاضلة، ومن تخلق بالأخلاق الفاضلة ندر أن يرتكب جريمة، وهم بعد ذلك يعلمون أن الله رقيب عليهم، ومطلع على أعمالهم، وأنهم مهما استخفوا من الناس فلن يستخفوا من الله وهو معهم أينما كانوا، وكل ذلك مما يدعو إلى قلة الجرائم، وحفظ الأمن وصيانة نظام الجماعة ومصالحها العامة، بعكس الحال في القوانين الوضعية فإنها ليس لها في نفوس من تطبق عليهم ما يحملهم على طاعتها، وهم لا يطيعونها إلا بقدر ما يخشون من الوقوع تحت طائلتها، ومن استطاع أن يرتكب جريمة ما وهو آمن من سطوة القانون فليس ثمة ما يمنعه من ارتكابها من خلق أو دين، ولذلك تزداد الجرائم زيادة مطردة في البلاد التي تطبق القوانين الوضعية، وتضعف الأخلاق، ويكثر المجرمون من الطبقات المستنيرة، تبعاً لزيادة الفساد الخلقي في هذه الطبقة، ولقدرة أفرادها على التهرب من سلطان القانون.

<<  <  ج: ص:  >  >>