الرابع: مفهوم الاقتضاء: هو المعنى الذي يقتضيه النص بحيث لا تصح صيغة النص ولا تستقيم دون تقدير هذا المعنى، مثل قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] ، فهذه الصيغة قد يفهم منها معاني كثيرة ولكن لا يمكن أن تصح وتستقيم إلا إذا فهمت على أن التحريم مقصود منه الزواج، وهذا هو مفهوم الاقتضاء. ومثل قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] ، فمفهوم الاقتضاء فيها هو تحريم الأكل.
الخامس: مفهوم المخالفة: هو المعنى المخالف لمفهوم العبادة، او هو المعنى الذي انتفت عنه قيود النص، وقد اختلف الأصوليون في مفهوم المخالفة، فرأى فريق منهم أن لكل نص دلالتين: دلالة على حكم معين في منطوقه، ودلالة على نقيض هذا الحكم فيما يخالفه، أي في مفهومه المخالف، فقوله تعالى:{أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥] ، يدل على تحريم الدم المسفوح بمنطوق النص، ويدل على إباحة الدم غير المسفوح بمفهوم النص المخالف، فكلما دل النص بمنطوقه على حكم معين فإنه يدل على نقيض هذا الحكم بمفهومه المخالف. فمفهوم المخالفة ليس مسكوتاً عنه عند هؤلاء.
والفريق الثاني يرى أن مفهوم المخالفة مسكوت عنه، وأن النص يوضح للحكم المنطوق به، ولا يوضع لمفهومه المخالف. فطبقاً لهذا الرأي لا دلالة للنص إلا على حكمه المعين في منطوقه، وأما مفهومه المخالف فلا دلالة للنص على حكم فيه، وهذا هو الرأي الراجح.
١٤٢ - تعارض المفهومات: إذا تعارضت المفهومات يرجح مفهوم العبارة على مفهوم الإشارة؛ لأن مفهوم العبارة هو المعنى الذي وضع النص من أجله، وأما مفهوم الإشارة فهو معنى لازم لبعض ألفاظ النص ولكن الشارع لم يقصده لذاته.
وإذا تعارض مفهوم العبارة أو مفهوم الإشارة مع مفهوم الدلالة رجح مفهوم العبارة أو مفهوم الإشارة؛ لأن كل منهما مفهوم الصيغة أو الألفاظ التي