علة الإطلاق أو التقييد، مثل قوله تعالى:{وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}[النساء: ٩٢] ، وقوله:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣] ، فالحكم واحد وهو تحرير الرقبة، والسبب مختلف؛ لأنه في الأولى قتل، وفي الثانية المظاهرة، فاختلاف السبب ترتب عليه تقييد الرقبة بالإيمان أي بأن يكون صاحبها مؤمناً تشديداً للعقوبة، ولم تقيد الرقبة بشئ في حالة المظاهرة؛ لأن الفعل لا يقتضي التشديد فيكتفي فيها بعتق أي رقبة.
١٦٨ - صيغة الأمر: إذا ورد اللفظ الخاص في صيغة الأمر أو في صيغة الخبر التي تعني الأمر فإن اللفظ يفيد الإيجاب أي الإلزام بفعل المأمور به أو المخبر عنه، كقوله تعالى:{فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] ، وقوله:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}[البقرة: ٢٢٨] ، فالأول يوجب قطع يد السارق، والثاني يوجب تربص المطلقة ثلاثة قروء.
ولكن إذا وجدت قرينة تصرف صيغة الأمر عن الإيجاب أخذ بما تدل عليه هذه القرينة، كقوله تعالى:{وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ}[الأعراف: ٣١] فإنه للإباحة، وقوله:{تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢] فإنه للندب، وكالتهديد في قوله:{فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ}[البقرة: ٢٣] ، وغير ذلك مما تدل عليه صيغة الأمر بالقرآئن، فإذا لم توجد قرينة فالأمر للإيجاب.
١٦٨ - صيغة النهي: إذا ورد اللفظ الخاص بصيغة النهي أو بصيغة الخبر التي في معنى النهي أفاد التحريم؛ أي طلب الكف عن فعل النهي عنه على وجه الإلزام، كقوله تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الإسراء: ٣١] ، وقوله:{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ}[البقرة: ٢١٧] .
وإذا وجدت قرينة تصرف صيغة النهي عن معناها إلى معنى آخر أخذ بالمعنى الذي دلت عليه القرينة، مثل قوله تعالى:{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا}[آل عمران: ٨] فهو للدعاء، وقوله:{لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٠١] فهو للكراهة.