للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٥ - ما يترتب على بطلان النصوص المخالفة للشريعة: يترتب على اعتبار النصوص المخالفة للشريعة باطلاً بطلاناً مطلقاً نتائج هامة نبينها فيما يلي:

أولاً: من وجهة تطبيق النصوص الباطلة: يجب على القاضي أن يطبق النصوص القانونية الباطلة في حالة البطلان، وعليه أن يطبقها فقط في حالات الصحة، وليس للقاضي أن يحتج بأن القوانين لا تخوله حق الفصل في صحتها وبطلانها مرتكناً في ذلك إلى نفس هذه القوانين، فإن سلطة القاضي في إبطال ما يخالف الشريعة تأتي من الشريعة لا من القوانين المخالفة لها.

ويستوي أن يحكم القاضي ببطلان النص المخالف أو يكتفي بالامتناع عن طبيعته لبطلانه؛ لأن القاضي لابد أن يبين في حكمه سبب امتناعه عن تطبيق النص وهو البطلان، وهذا البيان يساوي تماماً الحكم بالبطلان ولو جاء في أسباب الحكم فقط ولم يدخل في منطوقه، لأنه سبب جوهري، والأسباب الجوهرية تعتبر جزءاً من منطوق الحكم.

وليس للقاضي أن يحكم بالبراءة بحجة بطلان النص المطلوب تطبيقه على الواقعة، أو بحجة أنه مكلف طبقاً للقانون أن يحكم بعقوبة معينة فإن لم يحكم بها فعليه أن يبرئ المتهم. ليس للقاضي ذلك؛ لأن القول بالبطلان أساسه أن الشريعة تمنع من تطبيق غير أحكامها، وتوجب أن يعاقب مرتكب الجريمة بالعقوبات التي قررتها، فإذا أخذنا بحكم الشريعة في بطلان نص القانون استلزم ذلك الأخذ بحكم الشريعة في عقوبة الواقعة، فيجب إذن أن لا يحكم القاضي بالبراءة، وأن يحكم بالعقوبة المقررة في الشريعة الإسلامية ما دام مختصاً بنظر الجريمة.

وإذا اقتنع القاضي ببطلان النصوص المخالفة للشريعة وجب عليه أن يطبق حكم الشريعة، وليس يهمه بعد ذلك أن ينفذ حكمه أو لا ينفذ ما دام قد أدى واجبه وفعل ما يعتقده حقاً، فضلاً عن أن التنفيذ ليس من اختصاصه، بل هو

<<  <  ج: ص:  >  >>