للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما جريمة الزنا فإن كانت من غير محصنين نظرنا إلى الفعل المنسوب إليهما، فإن كان القانون قد جعله من اختصاص محكمة الجنح حوكم المتهمان أمام هذه المحكمة، وإن كان قد جعله من اختصاص محكمة الجنايات حوكم المتهمان أمامها، ويمكن القول بأنه لا داعي اختصاص محاكم الجنايات في الزنا من غير المحصنين؛ لأن اختصاص هذه المحاكم كان أساسه توقيع عقوبة خاصة تخالف العقوبة التي توقعها محكمة الجنح، فإذا كان الفعل لا يعاقب عليه في الشريعة إلا بعقوبة واحدة هي الجلد، كان من المعقول أن تكون محكمة الجنح هي المختصة، ما دامت تختص بتوقيع عقوبة الجلد على الزنا في بعض الصور.

وإذا كان الزنا من محصنين فالجريمة من اختصاص محاكم الجنايات؛ لأن العقوبة المقررة للزنا هي الرجم أي القتل بطريق معين، والحكم بعقوبة القتل من اختصاص محاكم الجنايات، وليس من اختصاص القاضي الجزئي. وإذا كان أحد الزانيين غير محصن، فالاختصاص لمحاكم الجنايات أيضاً؛ لأن فعل الزنا لا يمكن تجزئته، ووحدة الفعل المنسوب للزانيين تقتضي أن يحاكما عليه أمام محكمة واحدة؛ ولأن القاضي الجزئي لا يملك عقاب الزاني المحصن، وإن كان له أن يعاقب الزاني غير المحصن، أما محكمة الجنايات فتملك عقاب الزاني المحصن بالرجم وتملك أن تعاقب بما هو أدنى من الرجم كالجلد؛ لأن من يملك الأكثر يملك الأقل.

ثالثاً: من وجهة تطبيق القوانين بصفة عامة: يترتب على الأخذ بنظرية البطلان أن لا يطبق من أحكام القوانين الوضعية جنائية، أو مدنية، أو تجارية، أو دولية ... إلخ إلا الأحكام التي تتفق مع نصوص الشريعة، إذا كانت الشريعة قد نصت صراحة على أحكام خاصة، أو الأحكام التي تتفق مع مبادئ الشرعية العامة وروحها التشريعية، إذا لم تكن الشريعة قد نصت على أحكام خاصة. أما الأحكام المخالفة للشريعة فتهمل إهمالاً تاماً، وتحل محلها أحكام الشريعة، مع مراعاة اختيار الآراء الشرعية التي تنسجم مع نصوص القوانين الصحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>