[الحجرات: ١٣] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يكرر هذا المعنى في قوله:"الناس سواسية كأسنان المشط الواحد، لا فضل لعربي على عجميِّ إلا بالتقوى"، ثم يؤكد هذا المعنى تأكيداً في قوله:"إن الله قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائهم؛ لأن الناس من آدم وآدم من تراب وأكرمهم عن الله أتقاهم".
ويلاحظ على هذه النصوص أنها فرضت المساواة بصفة مطلقة، فلا قيود ولا استثناءات، وأنها المساواة على الناس كافة؛ أي على العالم كله، فلا فضل لفرد على فرد، ولا لجماعة على جماعة، ولا لجنس على جنس، ولا للون على لون، ولا لسيد على مسود، ولا لحاكم على محكوم.
وهذا هو نص القرآن يذكر الناس أنهم خلقوا من أصل واحد من ذكر وأنثى، ولا تفاضل إذا استوت الأصول وإنما مساواة، وهذا هو قول الرسول يذكر الناس أنهم جميعاً ينتمون إلى رجل واحد خلق من تراب فهم متساوون ويشبههم في تساويهم بأسنان المشط الواحد، ولم يعرف أن سناً من مشط فضلت سنة أخرى.
وقد نزلت نظرية المساواة على الرسول وهو يعيش في قوم أساس حياتهم وقوامها التفاضل، فهم يتفاضلون بالمال والجاه، والشرف واللون، ويتفاخرون بالآباء والأمهات، والقبائل والأجناس، فلم تكن الحياة الاجتماعية وحاجة الجماعة هي الدافعة لتقرير نظرية المساواة، وإنما كان الدافع لتقريرها من وجه هو رفع مستوى الجماعة ودفعهم نحو الرقي والتقدم، كما كان الدافع لتقريرها من وجه آخر ضرورة تكميل الشريعة بما تقتضيه الشريعة الكاملة الدائمة من مبادئ ونظريات.
ولا جدال في أن عبارة النصوص جاءت عامة مرنة إلى آخر درجات العموم والمرونة، فلا يمكن مهما تغيرت ظروف الزمان والمكان والأشخاص ان تضيق عبارة النصوص بما يستجد من الظروف والتطورات، والعلة في وضع