للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرم الله نكاح زوجة الأب بعد أن كان جائزاً، فأصبح لهذا النوع من النكاح وجهين: أحدهما: جنائي، والثاني: فمن الناحية الجنائية أصبح نكاح زوجة الأب جريمة، ومن الناحية المدنية ظل النكاح عقداً من العقود، وقد اعتبرت الشريعة نكاح زوجة الأب جريمة، ولكنها لم تجعل للنص أثراً رجعياً حيث قال الله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً} [النساء: ٢٢] ، فلم يطبق حكم النص إلا على الوقائع التي وقعت بعد نزوله والعلم به، ولكن ترتب على نزول النص التفريق بين الأزواج الذين سبق لهم أن تزوجوا هذه الزيجات المحرمة، فكان للنص أثر رجعي من الناحية المدينة امتد إلى وقت انعقاد العقد، ولم يكن للنص أثر رجعي من الناحية الجنائية، فلم يعاقب أحد ممن فسخت زيجاتهم، لقوله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} .

وكذلك كان الحال في تحريم نكاح الأمهات والبنات وغيرهن من المحارم، فقد عدد النص القرآني المحارم اللائي يحرم نكاحهن ثم قال: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: ٢٣] ، وقد ترتب على نزول آية التحريم التفرقة بين الزوجين في الزيجات المحرمة، فكان النص أثر رجعي من الناحية المدينة، ولكن لم يكن النص أثر رجعي من الناحية الجنائية فلم يعاقب أحد على هذه الزيجات المحرمة التي تمت قبل نزول النص لقوله تعالى في آخر الآية: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} .

ومثل ذلك حدث يوم حرم القرآن أن يتزوج الرجل أكثر من أربع نسوة، فقد كان العرب يتزوجون أكثر من أربع فلما نزل قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] فرق بين الزوج وما زاد على الأربع، ولم يعاقب زوج على ما حدث منه قبل نزول النص، فكان للنص أثر رجعي من الناحية المدنية، ولكن لم يكن له أثر رجعي من الناحية الجنائية.

وحرمت الخمر والميسر على مراحل، فنهى المسلمون أن يقربوا الصلاة وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>