للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأس ماله فقط. فالحكم الجنائي ليس له أثر رجعي، والحكم المدني له أثر رجعي يعود إلى الوقت الذي انعقد فيه العقد الربوي.

وحرم الله على المحرم قتل الصيد، وجعل على قتله عقوبة، ولكنه عفا عما سلف لينبه على أن النص ليس له أثر رجعي، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: ٩٥] .

هذه هي بعض النصوص الجنائية ظاهر من استعراضها أنها ليس لها أثر رجعي، وهي في هذا تدلنا على طريقة الشريعة في التشريع الجنائي، وترشدنا إلى قاعدة الشريعة العامة.

ويستطيع القارئ أن يلاحظ أن بعض النصوص صرحت بالعفو عما سلف أي بانعدام الأثر الرجعي، والبعض الآخر لم يصرح به، وليس لهذا في ذاته أهمية؛ لأن النص على العفو عما سلف أي عما حدث قبل نزول النص يعتبر في ذاته نصاً عاماً مقرراً لقاعدة عامة، ولو أنه جاء ضمن نص خاص، فيطبق إذن على كل النصوص الجنائية لا على الحالات التي اقترن بتحريمها دون غيرها، وهذا التفسير يتفق مع القاعدة الشريعة الأساسية التي تقضي بأنه: "لا يكلف شرعاً إلا بفعل ممكن، مقدور للمكلف، معلوم له علماً يحمله على امتثاله"، ويتفق مع القاعدة الشريعة الأساسية التي تقضي بأن: "لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص"، كما أنه يتفق مع نصوص الشريعة الأكثر عموماً، فالله جل شأنه يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥] ، ويقول: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلا لَهَا مُنذِرُونَ} [الشعراء: ٢٠٨] ، ويقول: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>