للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: ١ - ٤] .

بهذه الآيات التي نزلت في الظهار أخبر الله تعالى أن لفظ الظهار الذي كانوا يطلقون به نساءهم منكر من القول وزور، والمنكر من القول هو الذي لا تعرف حقيقته، والزور الكذب، وإنما قال الله فيه إنه كذب لأنهم صيروا به نساءهم كأمهاتهم، وهن لا يصرن كأمهاتهم ولا كذوي محارمهم؛ لأن ذوي المحارم لا يحللن لمظاهر أبداً، كذلك حرم الله الظهار وعاقب عليه، فأخرجه بهذا من باب التصرف إلى باب الجريمة، ومن باب المباح إلى باب المعاقب عليه.

ولقد طبقت آية الظهار أول ما طبقت على أوس بن الصامت نفسه، فقد قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أتستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: يا رسول الله إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات خشيت أن يعشو بصري. قال: فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا يا رسول الله إلا أن تعينني فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأطعم ستين مسكيناً، وراجع زوجته (١) .

وإذا كانت عقوبة الظهار قد طبقت على أوس بن الصامت عن واقعة حدثت قبل نزول النص فمعنى ذلك أن آية الظهار لها أثر رجعي.

٢٠٧ - الاستثناء الثاني: وجوب الرجعية إذا كان التشريع أصلح للجاني: إذا صدر نص جنائي أصلح للجاني وجب تطبيق هذا النص دون غيره على الجاني، ولو أن الجاني أرتكب جريمته تحت حكم نص أشد عقوبة.


(١) المقدمات لابن رشد ج٢ ص١٤٠، ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>