على أن يقيموا إقامة مؤقتة، فإذا انتهت هذه المدة أخرجوا من أرض الدولة ما لم تجدد مدة الإقامة، وهذه المبادئ التي لم تعرفها القوانين الوضعية إلا أخيراً هي نفس المبادئ التي جاءت بها الشريعة من ثلاثة عشر قرناً. وتتفق القوانين الوضعية مع الشريعة أيضاً في عدم جواز إبعاد رعايا الدولة، أو منعهم من دخول أرض الوطن، ولكن القوانين الوضعية تختلف مع الشريعة في أن القوانين لا توجب إبلاغ الشخص المبعد إلى مأمنه، كما توجب ذلك الشريعة، ويكفي في معظم القوانين أن يبعد الشخص عن أرض الدولة ولو عرضه ذلك للهلاك، وتفوق الشريعة في هذه المسألة لا يحتاج إيضاحاً.
٢٣٢ - الجنسية في الشريعة: تقوم الجنسية في الشريعة الإسلامية على أساس الدار، أو بتعبير آخر: على أساس الإسلام ومسالمته، والتزام أحكامه أو الكفر به، فأهل دار الإسلام لهم جنسية واحدة سواء كانوا مسلمين أو ذميين محكومين بحكومة واحدة أو بحكومات متعددة، ومهما تميز المصري عن السوري أو العراقي أو المغربي فذلك تمييز محلي أو إقليمي لا ينبني عليه حكم شرعي ولا يؤدي إلى تمييز في الخارج.
وأهل دار الحرب لهم جنسية واحدة مهما تعددت بلادهم وحكوماتهم، ومهما تميز الإنجليزي عن الفرنسي أو الأمريكي فذلك تمييز داخلي فيما بينهم، ولكن أحكام الشريعة واحدة بالنسبة لهم جميعاً متفرقين ومجتمعين، على أن الشريعة لا تمنع من النظر إلى الدول الأجنبية المختلفة كل على حدة بحسب ظروفها، فيجوز مثلاً أن يكون بين المسلمين وبين الفرنسيين عهد أو هدنة، وهكذا.
وأساس الجنسية في دار الإسلام اعتناق الإسلام، أو التزام أحكامه، فمن اعتنق الإسلام فهو مسلم، ومن التزم أحكام الإسلام ولم يسلم فهو ذمي، وأساس الجنسية في دار الحرب هي إنكار الإسلام وعدم التزام أحكامه.