البعض ينتقدها ويطالب بإلغائها، وكانت الغلبة للفريق الأخير، إذ اتجهت إلى رأيه بعض التشريعات الحديثة التي وضعت في آخر القرن التاسع عشر وفي القرن الحالي (القرن العشرين) ، فضيقت من مدى هذه الاستثناءات أو حاولت أن تقضي على بعضها، وأغلب المفكرين اليوم يدعون إلى مساواة التامة، ويعملون جاهدين لتحقيقها، وقد تتحقق المساواة التامة قريباً وقد لا تتحقق، ولكنها الأمل الذي تحتاج له القلوب وتتجه إليه الإنسانية.
٢٣٤ - أمثلة على عدم المساواة في القوانين الوضعية: ومن أظهر الأمثلة على عدم المساواة في القوانين الوضعية ما يأتي:
أ - تمييز رئيس الدولة: تميز القوانين الوضعية دائماً بين رئيس الدولة الأعلى ملكاً كان أو رئيس جمهورية وبين باقي الأفراد، فبينما يخضع الأفراد للقانون لا يخضع له رئيس الدولة بحجة أنه مصدر القانون، وأنه السلطة العليا، فلا يصح أن يخضع لسلطة هي أدنى منه وهو مصدرها.
وتعتبر بعض الدساتير ذات الملك مقدسة، كالدستور الدنمركي والدستور الأسباني قبل الجمهورية، أما الدستور الإنجليزي فيجعل ذات الملك مصونة لا تمس، ويفترض أن الملك لا يخطئ، وفي بلجيكا ومصر ذات الملك مصونة لا تمس، وكذلك كان الحال في إيطاليا ورومانيا قبل إلغاء النظام الملكي.
والأصل في النظام الجمهوري أن رئيس الجمهورية غير المسئول، وكانت شعوب العالم تعترف بهذا الوضع لرؤساء الدول الجمهورية حتى القرن التاسع عشر، ثم بدأت تخرج عليه تحقيقاً لمبدأ المساواة، فالدستور الفرنسي يجعل رئيس الجمهورية مسئولاً جنائياً في حالة واحدة هي حالة الخيانة العظمى، ودستور تشيكوسلوفاكيا قبل الحرب الأخيرة أجاز التحقيق مع رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، والدستور البولندي الذي وضع بعد الحرب سنة ١٩١٤ جعل رئيس الجمهورية مسئولاً جنائياً في حالة الخيانة العظمى والاعتداء على الدستور،