للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحالات، ومن الأمثلة على ذلك في القانون المصري أن قانون تحقيق الجنايات يوجب على القاضي أن يحكم بالحبس في كثير من الجرائم، على أن يقدر للمحكوم عليه كفالة مالية إذا دفعها أجل تنفيذ الحكم عليه حتى يفصل في الاستئناف وإن لم يدفعها حبس دون انتظار لنتيجة الاستئناف (١) .

وفي هذا خروج ظاهر على مبادئ المساواة، إذ يستطيع الغني دائماً أن يدفع الكفالة فلا ينفذ عليه الحكم، بينما يعجز الفقير عن دفعها في أغلب الأحوال فينفذ عليه الحكم في الحال.

ويجيز قانون تحقيق الجنايات المصري للمتهم المحبوس أن يعترض على حبسه فينظر اعتراضه أمام القاضي، وللأخير أن يفرج عن المتهم بضمان مالي (٢) . وفي تقرير مبدأ الضمان المالي خروج ظاهر على مبدأ المساواة؛ لأن الغني يستطيع دائماً أن يدفع الضمان المالي فيخرج من حبسه، أما الفقير فهو في أغلب الأحوال عاجز عن دفع الضمان، فيظل رهين محبسه، وقد تقضي المحكمة ببراءته مما نسب إليه، فتكون النتيجة أنه حبس لا لأنه أجرم بل لأنه عجز عن دفع الكفالة، أو بتعبير آخر: لأنه فقير.

وتمييز الظاهرين من أفراد الجماعة: وتميز القوانين الوضعية الظاهرين من أفراد الجماعة على غيرهم، ومن الأمثلة على ذلك في القانون المصري أن لوكيل النيابة أن يرفع الدعوى العمومية على المتهم في جنحة دون استئذان جهة ما، ولكن إذا كان المتهم موظفاً أو محامياً أو طبيباً أو عضواً في البرلمان أو شخصية ظاهرة فإن وكيل النيابة لا يستطيع رفع الدعوى العمومية إلا بعد استئذان جهات معينة، ويجوز لوكيل النيابة أن يحفظ القضية اكتفاء بجزاء إداري يوقع على الموظف أو الطبيب أو المحامي، وبذلك ينجو المتهم من العقوبة الجنائية، ومثل هذا الحفظ غير ممكن بالنسبة لأفراد الشعب العاديين.


(١) المادة ١٨٠ من قانون تحقيق الجنايات المصري.
(٢) المواد من ١٠٤ إلى ١١٠ من قانون تحقيق الجنايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>