للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام الذي ليس فوقه إمام يؤخذ بها ويعاقب عليها؛ لأن حق استيفائها ليس له أصلاً، وإنما هو للمجني عليهم وأوليائهم، وإذا قام الإمام باستيفاء العقوبة في هذه الجرائم فإنما يقوم به نيابة عن الأفراد، ولمنع الحيف والإضرار بالغير.

فإذا ارتكب الإمام جريمة من هذا النوع كان للأفراد أصحاب الحق الأصلي في استيفاء العقوبة أن يستوفوا العقوبة من الإمام مستعينين في ذلك بالقضاء وبالجماعة، وإذا ما استوفي الأفراد العقوبة الواجبة عن غير طريق القضاء فلا حرج عليهم؛ لأنهم فعلوا ما هو حقهم (١) .

وإذا ولى الإمام نائباً عنه أو قاضياً للحكم في كل الجرائم، كان من حق النائب أو القاضي أن يأخذ الإمام الذي ليس فوقه إمام بكل جريمة سواء مست حقاً لله أو حقاً للأفراد (٢) . وعلى هذا لو ترك للمحاكم تطبيق الشريعة أخذاً بنظام فصل السلطات، كان للمحاكم أن تحكم على الإمام الذي ليس فوقه إمام بعقوبة أية جريمة يرتكبها.

ويؤخذ على نظرية أبي حنيفة أنها تقوم على أساس ضعيف؛ لأن الإمام ليس إلا نائباً عن الجماعة، ولأن الخطاب في التشريع الإسلامي موجه للجماعة وليس للإمام، وإنما أقامت الجماعة الإمام ليقيم أحكام الشريعة، ويرعى صالح الجماعة، فإذا ارتكب أحد الأفراد جريمة كان للإمام أن يعاقبه بما له من حق القيام على تنفيذ نصوص الشريعة نيابة عن الجماعة، وإذا ارتكب الإمام نفسه جريمة عاد للجماعة حقها، وعاقبت الإمام حيث لا يصلح للنيابة عنها في هذه الحالة.

النظرية الثانية: وهي نظرية مالك والشافعي وأحمد، وهؤلاء لا يفرقون بين جريمة وجريمة، ويرون الإمام مسئولاً عن كل جريمة ارتكبها سواء تعلقت بحق الله


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص١٦١.
(٢) نفس المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>