أو اشترك في جريمة من جرائم التعازير. وهذا يفسر لنا اهتمام الفقهاء بالاشتراك المباشر، وإهمالهم الاشتراك بالتسبب، فقد اهتموا بالاشتراك المباشر؛ لأن الشريك المباشر يعاقب بعقوبة الحد والقصاص إذا ارتكب جريمة من هذا النوع، وقد أهملوا الاشتراك بالتسبب؛ لأن الشريك بالتسبب لا يعاقب بعقوبة الحد أو القصاص، وإنما يعزر، فجريمته دائماً من جرائم التعازير ولو أنه اشترك في جريمة من جرائم الحدود أو القصاص.
والفقهاء بالرغم مما سبق لم يهملوا الاشتراك غير المباشر إهمالاً كلياً، بل تعرضوا له أثناء بحث الجناية على النفس أو ما دونها، أي جرائم القتل والجرح؛ لأن هذه الجرائم ترتكب إما مباشرة وإما بالتسبب، والاشتراك غير المباشر نوع من التسبب. وما ذكره الفقهاء عن الاشتراك بالتسبب بمناسبة الكلام على القتل والجرح كاف على قلته لاستخراج القواعد العامة التي بنى عليها الفقهاء أحكام هذا النوع من الاشتراك، وسنرى فيما بعد أن هذه القواعد لا تختلف في مجموعها عن قواعد الاشتراك بالتسبب في أحدث القوانين الوضعية.
٢٥٧ - شروط الاشتراك العامة: والاشتراك سواء كان مباشراً أو غير مباشر له شرطان عامان يجب توفرهما لاعتبار الاشتراك جريمة، وهذان الشرطان هما:
أولاً: أن يتعدد الجناة، فإذا لم يتعددوا فليس هناك اشتراك مباشر، ولا غير مباشر.
ثانياً: أن ينسب إلى الجناة فعل محرم معاقب عليه، فإذا لم يكن الفعل المنسوب إليهم معاقباً عليه فليس هناك جريمة وبالتالي لا اشتراك.