للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٨، ٣٩] ، فلا يسأل الإنسان إلا عن جنايته، ولا يؤخذ بجناية غيره مهما كانت صلته به.

ومن القواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية أن كل ما لم يحرم فهو مرخص لا عقاب على إتيانه، فإذا حرم فالعقوبة من وقت العلم بالتحريم، أما ما قبل ذلك فيدخل في قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَف} [المائدة: ٩٥] .

وليس للقضاة في الشريعة الإسلامية أي شئ من الحرية في اختيار العقوبة أو تقديرها في جرائم الحدود والقصاص، أما في التعازير فلهم حرية مقيدة، لهم أن يختاروا العقوبة من بين عقوبات معينة، ولهم أن يقدروا كمية العقوبة إن كانت ذات حدين بما يتناسب مع ظروف الجريمة والمجرم، ولكن ليس لهم أن يعاقبوا بعقوبة لم يقررها أولو الأمر، ولا أن يرتفعوا بالعقوبة أو ينزلوا بها عن الحدود التي وضعها أو يضعها أولو الأمر.

هذه هي المبادئ الحديثة التي ابتدأت القوانين الوضعية تعرفها في القرن الماضي، قد عرفتها الشريعة الإسلامية وطبقتها قبل القوانين الوضعية باثنى عشر قرناً. ومن المؤلم حقاً أن يجهل أكثر رجال القانون في البلاد الإسلامية هذه الحقائق الأولية، وأن يخيل إليهم من جهلهم بأحكام الشريعة أن القوانين الوضعية هي أول ما استحدث هذه المبادئ التشريعية.

٢٧٦ - نظرية المسئولية الجنائية في الشريعة الإسلامية والأسس التي تقوم عليها: من المتفق عليه أن الأفعال المحرمة يؤمر بها أو ينهى عنها، لأن في إتيانها أو تركها ضرراً بنظام الجماعة أو عقائدها أو بحياة أفرادها أو بأموالهم أو بأعراضهم أو بمشاعرهم أو بغير ذلك من الاعتبارات التي تمس مصالح الأفراد أو مصالح الجماعة ونظامها، والأفعال التي تمس مصالح الأفراد تنتهي بمساس مصلحة الجماعة ونظامها، فالأفعال التي تحرم إذن لم تحرم إلا لحفظ مصالح الجماعة ونظامها، والعقوبات التي تفرض على

<<  <  ج: ص:  >  >>