للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - شبه العمد: لا تعرف الشريعة شبه العمد إلا في القتل والجناية على ما دون النفس (١) . وهو غير مجمع عليه من الأئمة، فمالك لا يعترف به في القتل ولا فيما دون القتل، ويرى أنه ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسماً ثالثاً زاد على النص، ذلك أن القرآن نص على القتل العمد والقتل الخطأ فقط، فقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} ، وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} ، وعلى أساس هذا الرأي يعرف مالك العمد في القتل بأنه إتيان الفعل بقصد العدوان، فهو لا يشترط أن يقصد الجاني الفعل ويقصد نتيجته (٢) .

ويتفق أبو حنيفة والشافعي وأحمد (٣) في الاعتراف بشبه العمد في القتل ولكنهم يختلفون في وجوده فيما دون النفس، فيرى الشافعي (٤) أن العمد فيما دون النفس إما أن يكون عمداً محضاً وإما أن يكون شبه عمد، وهذا هو الرأي الراجح في مذهب أحمد (٥) . ويرى أبو حنيفة (٦) أن شبه العمد لا يوجد فيما دون النفس، ورأيه يتفق مع الرأي المرجوح في مذهب أحمد (٧) .

وشبه العمد في القتل معناه إتيان الفعل القاتل بقصد العدوان دون أن تتجه نية الجاني إلى إحداث القتل، ولكن الفعل يؤدي للقتل، وحجة القائلين به أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا إن في قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الأبل"، وسمى شبه العمد بهذه التسمية؛ لأنه يشبه العمد من حيث قصد الفعل ولا يشبهه من حيث انعدام قصد الفعل.


(١) الجناية على ما دون النفس معناها الاعتداء على الجسم بما لا يؤدي للقتل كالضرب والجرح وقطع الأطراف وغير ذلك.
(٢) مواهب الجليل ج٦ ص٢٤١.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٣٥، الزيلعي ج٦ ص٩٧، المغني ج٩ ص٣٢٠.
(٤) الأم ج٦ ص٤٥.
(٥) الإقناع ج٤ ص١٨٩.
(٦) البحر الرائق ج٨ ص٢٨٧.
(٧) المغني ج٩ ص٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>