للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما فقهاء الحنفية والحنابلة ومعهم بعض الشافعية فإنهم لا يفرقون بين القصد المعين وبين القصد غير المعين في القتل وغير القتل، فالجاني سواء قصد بالفعل شخصاً معيناً أو قصد شخصاً غير معين قهو قاتل متعمد إذا أدى فعله إلى النتيجة التي قصدها (١) .

ويلاحظ أن تقسيم القصد في الشريعة إلى معين وغير معين مقابل تقسيم القصد في القانون إلى محدود وغير محدود، وأن رأى الفقهاء القائلين بعدم التفرقة بين القصد المعين وغير المعين في القتل يتفق تمام الاتفاق مع رأي شارح القانون الفرنسي والمصري، حيث لا يفرق هؤلاء أيضاً بين القصد المحدود وغير المحدود؛ لأن الجاني في الحالين يقصد النتيجة التي حدثت أو يقبل وقوعها عند ارتكاب الجريمة.

ونصوص القانون المصري والفرنسي لا تفرق بين القصد المحدود والقصد غير المحدود أيضاً، فهي بهذا تتفق مع رأي الفقهاء القائلين بعدم التفرقة بين القصد المعين والقصد غير المعين، فالمادة ٢٣١ من قانون العقوبات المصري المماثلة للمادة ٢٩٧ من قانون العقوبات الفرنسي تعرف سبق الإصرار بأنه: "هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جريمة، غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه، سواء كان هذا القصد معقباً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط".

أما الفقهاء القائلون بالتفرقة بين القصد المعين والقصد غير المعين، فرأيهم يطابق أو يقترب من النظرية الألمانية، التي تعتبر الجاني مخطئاً لا عامداً كلما أدى فعله إلى نتائج لم يتمثلها أو لم يقصدها قصداً صحيحاً.


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٣، ٢٣٤، المهذب ج٢ ص١٨٤، أسنى المطالب ج٤ ص٣، الإقناع ج٤ ص١٦٣، المغني ج٩ ص٣٢٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>