وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: ٥٩] ، والرسول عليه السلام يقول:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، ويقول:"إنما الطاعة في المعروف"، ويقول في ولاة الأمور:"من أمركم منهم بمعصية فلا سمع ولا طاعة".
وبعد موت الرسول اختار المسلمون أبا بكر خليفة عليهم، فكانت أول خطبة يقولها تطبيقاً دقيقاً لهذه النصوص حيث قال:"أيها الناس، قد وليت عليكم ولست بخيركم، إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
وولي عمر أمر المسلمين بعد أبي بكر، فكان حريصاً على إظهار معاني هذه النصوص وتثبيتها في الأذهان، خطب يوماً فقال:"لوددت أني وإياكم في سفينة في لجة البحر تذهب بنا شرقاً وغرباً فلن يعجز الناس أن يولوا رجلاً منهم فإن استقام اتبعوه وإن جنف قتلوه. فقال طلحة: وما عليك لو قلت: وإن تعوج عزلوه؟! قال: لا، القتل أنكل لمن بعده".
هذه هي نظرية الشريعة جاءت بها في وقت كانت سلطة الحاكمين على المحكومين سلطة مطلقة، فلم تكن الشريعة حين قررت هذه النظرية تأتي بما يلائم الجماعة ويصلح لحالها، وإنما جاءت بالنظرية لأنها ضرورية للشريعة الكاملة الدائمة من ناحية، ولترفع بها مستوى الجماعة وتدفعهم نحو الرقي من ناحية أخرى، فالنظرية إذن شرعت للتكميل والتوجيه.
وهذه هي النصوص التي تقوم عليها النظرية؛ جاءت عامة إلى آخر حدود العموم، مرنة إلى آخر حدود المرونة، بحيث تنطبق في كل زمان ومكان، ولا تضيق بما يمكن أن يستجد من حالات.
وقد سبقت الشريعة الإسلامية بنظريتها كل القوانين الوضعية في تقييد سلطة