للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانعدام المسئولية الجنائية على ترك الواجب لا يسوى بين الواجب وبين الحق؛ لأن الحق يتضمن التخيير بين الفعل والترك والواجب لا تخيير فيه؛ كما أن صاحب الحق لا يعتبر آثماً بالفعل أو الترك، أما تارك الواجب فآثم شرعاً (١) .

واختلف الفقهاء في الدفاع عن النفس، فظاهر مذهب أبي حنيفة يتفق مع الرأي الغالب في مذهبي مالك والشافعي على أن دفع الصائل عن النفس واجب (٢) .

والرأي المرجوح في مذهبي مالك والشافعي يتفق مع الرأي الراجح في مذهب أحمد على أن دفع الصائل عن النفس جائز (٣) وليس واجباً. وحجة هؤلاء أن حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة: "اجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك"، أو في لفظ آخر: "فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل". كذلك يحتجون بعمل عثمان رضي الله عنه إذ ترك القتال مع إمكانه وهو يعلم أن الثوار يريدون نفسه.

وبعض الحنابلة يفرقون بين حالة الفتنة وغيرها، ويجعلون الدفاع جائزاً مطلقاً في حالة الفتنة، أما في غير حالة الفتنة فيجعلونه واجباً مطلقاً (٤) ، وهو رأي بعض الشافعية والمالكية (٥) .

أما الدفع عن المال فأغلب الفقهاء يرونه جائزاً لا واجباً، فللمعتدى عليه أن يدفع الصائل إن شاء، وأن لا يدفعه. والفرق بين المال والنفس، أن المال مما يباح بالإباحة أما النفس فلا تباح بالإباحة. ولكن بعض الفقهاء يرون أن الدفع عن المال واجب إذا كان مالاً فيه روح؛ أي ليس جماداً، أو كان مالاً للغير في يد


(١) المستصفي للغزالي ج١ ص٧٤.
(٢) حاشية ابن عابدين ج٥ ص٤٨١، تحفة المحتاج ج٤ ص١٢٤، مواهب الجليل ج٦ ص٣٢٣، الزيلعي وحاشية الشلبي ج٦ ص١١٠.
(٣) المغني ج١٠ ص٣٥٠ وما بعدها.
(٤) الإقناع ج٤ ص٢٩٠.
(٥) حاشية الرملي ج٤ ص١٦٨، وأسنى المطالب ج٤ ص١٦٨، شرح الزرقاني وحاشية البناني ج٨ ص١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>