الشرط الأول: أن يكون هناك اعتداء: يجب أن يكون الفعل الواقع على المصول عليه اعتداء، فإن لم يكن كذلك لم يجز دفعه، فالأب إذا ضرب ولده أو زوجته للتأديب، والمعلم إذا أدب الصبي، والجلاد حين يقطع رقبة المحكوم عليه أو يد السارق، ومستوفي القصاص حين يقتل القاتل أو يقطع يده قصاصاً، كل هؤلاء لا يعتبر فعلهم عدواناً أو اعتداء، وإنما هو استعمال لحق أو أداء لواجب.
ويترتب على اشتراط الاعتداء أو العدوان في الفعل أن كل عمل أوجبته الشريعة أو أجازته لا يعتبر اعتداء إذا باشره صاحب الحق فيه، كالقبض والتفتيش والجلد والحبس، وغير ذلك من الحقوق والواجبات المقررة للأفراد والسلطات العامة أو عليهم.
وليس للاعتداء حد مقرر؛ فيصح أن يكون الاعتداء شديداً، ويصح أن يكون بسيطاً، وبساطة الاعتداء لا تمنع من الدفاع، ولكنها تقيد المدافع بأن يدفع الاعتداء بالقوة اللازمة لدفعه.
ويصح أن يكون الاعتداء واقعاً على نفس المصول عليه أو عرضه أو ماله، كما يصح أن يكون واقعاً على نفس الغير أو عرضه أو ماله، ويصح أن يكون واقعاً على نفس الصائل أو ماله، كمن حاول أن يقتل نفسه أو يقطع طرفه أو يتلف ماله (١) .
وليس من الضروري في رأي مالك والشافعي وأحمد أن يكون الاعتداء جريمة معاقباً عليها، ولكن يكفي أن يكون عملاً غير مشروع، وليس من الضروري في رأي هؤلاء الفقهاء أن يكون الصائل مسئولاً جنائياً عن فعله، فيصح أن يكون الصائل مجنوناً أو طفلاً، ويكفي لقيام حالة الدفاع أن يكون فعل الصائل أياً كان غير مشروع. أما أبو حنيفة وأصحابه فيشترطون أن يكون الاعتداء