أو السبعين في المتوسط وهو في الغالب أقصى عمره، أما المرأة فتنعدم قدرتها على التناسل فيما بين الأربعين والخمسين، فلو حرم على الرجل أن يتزوج أكثر من واحدة لكان معنى ذلك تعطيل وظيفته التناسلية حوالي نصف المدة التي يستطيع فيها أن يؤدي هذه الوظيفة.
هذه هي نظرية الشريعة في إباحة تعدد الزوجات، قررتها لدفع الضرر ورفع الحرج، ولتحقيق المساواة بين النساء ولرفع مستوى الأخلاق، وظاهر من النص الذي قررها أنه نص عام إلى آخر حدود العموم، مرن إلى آخر حدود من المرونة، وهذا جعله محتفظاً بصلاحيته التي كانت له من ثلاثة عشر قرناً، وما سيجعله محتفظاً بهذه الصلاحية إلى ما شاء الله.
ولم تأت الشريعة بهذا النص لتساير به حال الجماعة، فقد كان العرب يجيزون تعدد الزوجات إلى غير حد، ولم يكونوا يستسيغون تحديد عدد الزوجات، وقد اضطر الكثيرون منهم بعد نزول النص إلى إبقاء أربعة فقط من أزواجهم وتطليق الباقيات، لكن الشريعة جاءت بهذا النص لترفع به مستوى الجماعة، ولأن وجوده ضروري في شريعة دائمة كاملة لا تقبل التغيير والتبديل.
ونظرية الشريعة في تعدد الزوجات من النظريات التي لم تعترف بها القوانين الوضعية حتى الآن، بل كانت هذه النظرية قديماً مدعاة لتندر الأوروبيين واستهجانهم، وأداة يستخدمونها في طعنهم على الإسلام، أما اليوم فإن النظرية تجد لها في نفوس علمائهم ومصلحيهم مكاناً، وفي صحفهم السيارة موضعاً، ومن يدري لعل اليوم الذي تأخذ فيه القوانين الوضعية بهذه النظرية قد أقترب، فإن الحرب العظمى التي وقعت سنة ١٩١٤ والحرب الأخيرة التي وقعت سنة ١٩٣٩ قد ساعدت كلاهما على تهيئة الأذهان لهذه النظرية، حيث قتل في كل من الحربين عدد كثير من الرجال وترمل عدد كبير من النساء، وزاد عدد النساء على عدد الرجال زيادة ظاهرة.
والحق أن الحروب لم تكن هي الدافع الوحيد الذي حمل الأوربيين على التفكير