الإسلام أو استأسر فقتله من ضبطه أو أسره أو قتله غيرهما، فإن القاتل لا يؤاخذ باعتباره قاتلاً؛ لأن الحربي مباح الدم طبقاً للشريعة وضبطه أو أسره لا يعصمه ولا يغير من صفته كحربي، فيبقى دمه مباحاً بعد الضبط أو الأسر، فمن قتله فقد قتل مباح الدم ولا مسئولية على قتل مباح باعتبار فعل القتل، وإنما المسئولية تأتي من كون القاتل اعتدى على السلطة العامة التي يوكل إليها أمر من يضبط أو يؤسر من الحربيين، فمن هذه الوجهة يسأل القاتل ويعاقب لافتياته على السلطة العامة.
وقتل الحربي في ميدان الحرب وفي حالة الدفاع عن النفس يعتبر واجباً، وفيما عدا ذلك فهو حق للقاتل وليس واجباً عليه.
هذا هو حكم الشريعة الإسلامية، وهو يخالف حكم القوانين الوضعية التي تعتبر الفعل قتلاً عمداً وتعاقب عليه على هذا الاعتبار، وإن كان الذي يحدث عملاً أن المحاكم تقدر ظروف الجاني والمجني عليه وتقضي على الجاني بعقوبة مخففة بقدر الإمكان.
والنتيجة العملية أن الشريعة تتفق مع القوانين الوضعية في عقاب القاتل، ولكن الخلاف واقع في تكييف الفعل المعاقب عليه، فالقوانين تعتبره قتلاً والشريعة تعتبره افتياتاً على السلطات العامة.
٣٧٧ - ثانياً: المرتد: المرتد هو المسلم الذي غير دينه، فالردة مقصورة على المسلمين ولا يعتبر مرتداً من يغير دينه من غير المسلمين.
ويعتبر المرتد مهدر الدم في الشريعة (١) ، فإذا قتله شخص لا يعاقب باعتباره
(١) يعتبر المرتد مهدر الدم من وجهين: أولهما: أنه كان معصوماً بالإسلام فلما ارتد زالت عصمته فأصبح مهدراً، وثانيهما: أن عقوبة المرتد في الشريعة القتل حداً لا تعزيراً لقوله عليه السلام: "لا يحل قتل امرئ إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزناً بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس"، ولقوله: "من بدل دينه فاقتلوه"، فعقوبة الردة عقوبة متلفة، وعلى هذا تعتبر الردة من الجرائم المهدرة إذا نظر إلى عقوبتها، ولكن لما كان أساس الردة هو الرجوع عن الإسلام وهو الأصل في العصمة فقد نظر في الإهدار إلى الوجه الأول دون الثاني.