للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاني المحصن يعتبر واجباً لا بد منه إزالةً للمنكر وتنفيذاً لحدود الله (١) .

ويتفق الرأي الراجح في مذهب الشافعي مع الرأي السابق، أما الرأي المرجوح في مذهب الشافعي فيرى أصحابه أن قاتل الزاني المحصن يقتل به؛ لأنه قتله لغيره وليس لنفسه فوجب فيه القصاص، كما لو قتل رجل رجلاً فقتله غير ولي الدم (٢) . ويرد على ذلك بأن الزاني المحصن مباح الدم للجميع لا لشخص بعينه، وأن قتله متحتم لا خيار فيه، بعكس القاتل فإن دمه لا يباح إلا لولي الدم فقط وله الخيار إن شاء قتل وإن شاء عفا.

وإذا كان لا يجوز مؤاخذة من يقتل الزاني المحصن باعتباره قاتلاً، فإنه يجوز أن يؤاخذ باعتباره مفتاتاً على السلطات العامة (٣) بشرط أن تأخذ السلطات العامة على عاتقها أداء هذا الواجب، فإذا أهملت في أداء هذا الواجب أو تخلت عنه فليس لها أن تؤاخذ من أداه بحجة أنه مفتات عليها.

ويشترط الشافعيون في قاتل الزاني المحصن أن يكون معصوماً؛ لأن مهدر الدم لا يعتبر مهدراً لمثله، فالزاني المحصن لا يعتبر مهدر الدم للزاني المحصن، ولا للمرتد، ولا للحربي؛ لأنهم جميعاً في درجة واحدة ودمهم جميعاً مهدر (٤) .

أما إذا كان الزاني غير محصن فعقوبته الجلد فقط، فمن قتله في غير حالة التلبس اعتبر قاتلاً عمداً وأقيد به؛ لأنه قتل معصوم الدم، وهذا متفق عليه بين الأئمة الأربعة.

وإذا قتل الزاني غير المحصن في حالة تلبس فلا عقوبة على قاتله عند مالك


(١) حاشية الطهطاوي ج٤ ص٢٦٠، مواهب الجليل ج٦ ص٢٣١، ٢٣٣، المغني ج٩ ص٤٣.
(٢) المهذب ج٢ ص١٨٦.
(٣) المرجع السابق، وتبصرة الحكام ج٢ ص١٧٠.
(٤) تحفة المحتاج ج٤ ص١٠، شرح الأنصاري على البهجة ج٥ ص٣، ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>