للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجتمع في أصل وجوده ويهدم أهم مقوماته، ولذلك حرصت الشريعة الإسلامية على أن تحمي هذه النظم من كل اعتداء؛ لأن في حمايتها بقاء الجماعة وصلاحيتها للبقاء، ولأن كل تهاون في احتياطها وحمايتها يؤدي إلى انحلال الجماعة وسقوطها.

وقد تقصت الشريعة الاعتداءات الخطيرة التي يمكن أن تمس هذه الأنظمة فوجدوتها تنحصر في جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية، وهي: الزنا، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي، والقتل والجرح في حالتي العمد والخطأ.

فالزنا اعتداء على نظام الأسرة، ولو لم يعاقب عليه لكان لكل امرئ أن يشارك الآخر في أي امرأة شاء، وأن يدعي من شاء أو يتنصل ممن شاء من الأبناء؛ وأخيراً فإن إباحة الزنا معناها الاستغناء عن نظام الأسرة وهدم الدعامة الأولى من الدعائم التي تقوم عليها الجماعة.

والسرقة اعتداء على نظام الملكية الفردية، ولو لم يعاقب عليها لكان لكل امرئ أن يشارك غيره وطعامه وشرابه وكسائه ومسكنه وأداة عمله، وكانت الغلبة آخر الأمر للأقوياء، وكان الجوع والعري والحرمان للضعفاء، فإباحة السرقة معناها الاستغناء عن نظام الملكية @الفردية، وعجز الأفراد عن الحصول على ضروريات الحياة، وسقوط الجماعة بعد سقوط أهم الدعامات التي قامت عليها.

والردة اعتداء على النظام الاجتماعي للجماعة؛ لأن النظام الاجتماعي لكل جماعة إسلامية هو الإسلام، ولأن الردة معناها الكفر بالإسلام والخروج على مبادئه والتشكيك في صحته، ولا يمكن أن يستقيم أمر الجماعة إذا وضع نظامها الاجتماعي موضع التشكيك والطعن؛ لأن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى هدم هذا النظام.

والبغي اعتداء على نظام الحكم في الجماعة؛ لأن جريمة البغي تعني الخروج على الحكام ومعصيتهم، أو تعني طلب تغييرهم نظام الحكم نفسه، وإباحة مثل هذه الجريمة يؤدي إلى إشاعة الخلاف والاضطراب في صفوف الجماعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>