٤٥١ - عقوبة الجلد: تعاقب الشريعة الزاني الذي لم يحصن بعقوبة الجلد، وللعقوبة حد واحد فقط ولو أنها بطبيعتها ذات حدين؛ لأن الشريعة عينت العقوبة وقدرتها فجعلتها مائة جلدة، وذلك قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢] .
وقد وضعت عقوبة الجلد على أساس محاربة الدوافع التي تدعو للجريمة بالدوافع التي تصرف عن الجريمة، وهذا هو الذي يهدينا إليه التأمل والتفكير في الجريمة وعقوبتها.
فالدافع الذي يدعو الزاني للزنا هو اشتهاء اللذة والاستمتاع بالنشوة التي تصحبها، والدافع الوحيد الذي يصرف الإنسان عن اللذة هو الألم ولا يمكن أن يستمتع الإنسان بنشوة اللذة إذا تذوق مس العذاب، وأي شيء يحقق الألم ويذيق مس العذاب أكثر من الجلد مائة جلدة؟!
فالشريعة حينما وضعت عقوبة الجلد للزنا لم تضعها اعتباطاً، وإنما وضعتها على أساس من طبيعة الإنسان وفهم لنفسيته وعقليته، والشريعة حينما قررت عقوبة الجلد للزنا دفعت العوامل النفسية التي تدعو للزنا بعوامل نفسية مضادة تصرف عن الزنا، فإذا تغلبت العوامل الداعية على العوامل الصارفة وارتكب الزاني جريمته مرة كان فيما يصيبه من ألم العقوبة وعذابها ما ينسيه اللذة ويحمله على عدم التفكير فيها. ...
الجلد في القوانين الوضعية: ولقد كانت عقوبة الجلد من العقوبات التي يعترف بها قانون العقوبات المصري سنة ١٩٣٧، وكانت وسيلة من وسائل تأديب الأحداث، ثم ألغاها المشرع المصري مقلداً في ذلك معظم القوانين الوضعية التي ألغت هذه العقوبة.
وأغلب شراح القوانين اليوم يفكرون في العودة إلى تقرير عقوبة الجلد