للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوانين الوضعية بتطبيق نصوص الشريعة الإسلامية.

٤٨٤ - الحبس غير محدد المدة: من المتفق عليه أن الحبس غير المحدد المدة يعاقب به المجرمون الخطرون ومعتادو الإجرام, ومن اعتادوا ارتكاب جرائم القتل والضرب والسرقة، أو تكرر منهم ارتكاب الجرائم الخطيرة، ومن لا تردعهم العقوبات العادية، ويظل المجرم محبوساً حتى تظهر توبته وينصلح حاله فيطلق سراحه وإلا بقى محبوساً مكفوفاً شره عن الجماعة حتى يموت (١) .

ومن المتفق عليه أن مدة الحبس لا تحدد مقدماً؛ لأنه حبس لا مدة له, بل هو حبس حتى الموت وينتهي بموت المحكوم عليه أو توبته قبل ذلك وانصلاح حاله.

والحبس غير محدد المدة تطبيق لنظرية العقوبة غير المحددة التي عرفتها القوانين الوضعية في أواخر القرن التاسع عشر, فكأن الشريعة سبقت القوانين الوضعية لهذه النظرية بثلاثة عشر قرناً تقريباً, وأول من قال من شراح القوانين بهذه النظرية هم الشراح الإيطاليون حيث رأوا ضرورة عدم تحديد العقوبة، إذ للعقوبة في رأيهم وظيفتان: الاستئصال والإصلاح, فمن كان قابلاً من المجرمين للإصلاح كانت عقوبته مؤقتة، ومن كان غير قابل للإصلاح تؤبد عقوبته.

وتعتبر العقوبة غير محددة المدة في عصرنا الحاضر من العناصر الجوهرية في تدبير الأمن measures de surete ومن أحدث العقوبات التي يعالج بها الإجرام على أساس من علمي النفس والاجتماع.

وللقوانين الوضعية طرائق مختلفة في عدم تعيين المدة، فبعضهم يجعل عدم التعيين مطلقاً, فيصدر القاضي الحكم بالعقوبة دون أن يعين المدة, ولكن السلطة المشرفة على التنفيذ هي التي تحدد مدة العقوبة طبقاً لما يتبين لها من حال المحكوم


(١) حاشية ابن عابدين ج٣ ص٢٦٠, تبصرة الحكام ج٢ ص٢٦٤, نهاية المحتاج ج٨ ص٢٠, الإقناع ج٤ ص٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>