القوانين بالنظرية مطلقة أو مقيدة فهي نظرية الشريعة الإسلامية, وما التقييد والإطلاق في الواقع إلا تنظيم لتطبيق النظرية.
وليس بعد هذا من ينكر فضل الشريعة وسبقها في تقرير أفضل نظريات العقاب.
٤٨٥ - التغريب والإبعاد: تكلمنا عن التغريب بمناسبة الكلام عن عقوبات الزنا, وقلنا إن أبا حنيفة يراه تعزيراً وبقية الأئمة يرونه حداً, فيما عدا جريمة الزنا فالتغريب يعتبر تعزيراً باتفاق.
ويلجأ لعقوبة التغريب إذا تعددت أفعال المجرم إلى اجتذاب غيره إليها أو استضراره بها.
ويرى بعض الفقهاء في مذهبي الشافعي وأحمد أن لا تصل مدة الإبعاد إلى سنة كاملة؛ لأن التغريب شرع في الزنا حداً ومدته عام فيجب أن لا تصل مدته في التعزير عاماً، تحقيقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين".
ويرى أبو حنيفة أن مدة التغريب يصح أن تزيد على سنة؛ لأنه لا يعتبر التغريب حداً وإنما يعتبره تعزيراً. ويرى مالك أن من الممكن ريادة مدة التغريب عن سنة مع تسليمه بأن التغريب حد؛ لأنه يرى الحديث منسوخاً. ويظاهر مالكاً وأبا حنيفة بعض فقهاء مذهبي الشافعي وأحمد.
والقائلون بأن مدة التغريب يصح أن تزيد على سنة لا يحددون مدة التغريب بل يرون التغريب عقوبة غير محدودة، ويتركون لولي الأمر أن يأذن للمغرب في العودة إذا صلح حاله وظهرت توبته.
والمحكوم عليه بالغريب لا يحبس في مكان معين، ولكن يصح على رأي البعض أن يوضع تحت المراقبة وأن تقيد حريته ببعض القيود، ولكن ليس