المحكوم عليه في عمل حكومي إذا وجد هذا العمل أو بحبس المحكوم عليه مدة معينة, ومعنى هذا أن عقوبة الغرامة تنتهي بالحبس إذا كان المحكوم عليه فقيراً, مع أن القوانين الوضعية تعتبر عقوبة الحبس أشد من عقوبة الغرامة.
وشراح القوانين الوضعية يعترفون بما لعقوبة الغرامة من عيوب كثيرة يحاولونإصلاحها, ويرون في عقوبة الغرامة بالرغم من عيوبها وسيلة من وسائل الحسنة للتخفيف أو الحد من مساوئ عقوبة الحبس, فهم يقبلون عقوبة الغرامة لا لمزاياها ولكن لأن مساوئها أقل من مساوئ عقوبة الحبس, وإذن فهم لا يحرصون على الأصلح وإنما يحرصون على اختيار أخف الضررين.
ولا تبيح الشريعة الإسلامية حبس المحكوم عليه بمبلغ من المال إلا إذا كان المطالب بالمال قادراً عليه وممتنعاً عن دفعه كما هو الحال في دين النفقة. أما إذا كان المطالب بالمال قادراً عنه فلا يجوز حبسه مقابل المبلغ المحكوم به؛ لأن الحبس في الدين لم يشرع إلا لحمل المدين على الدفع فإذا كان عاجزاً عن الدفع امتنع الحبس لانعدام سببه. ولكن ليس في الشريعة ما يمنع من تشغيل المحكوم عليه في عمل حكومي لاستيفاء الغرامة المحكوم بها من أجره, ونظرية الشريعة في هذا سليمة من الوجهين التشريعية والمنطقية؛ لأن التنفيذ على المحكوم عليه بالشغل هو التنفيذ على ماله ما دام لا مورد له إلا عمله, ولا يكاد التنفيذ جبراً بالشغل يختلف شيئاً عن التنفيذ جبراً على المال, أما حبس المحكوم عليه مقابل الغرامة في حالة العجز عن الدفع فمعناه أن المحكوم عليه يحبس لفقره لا للحكم بالحبس, ومن ثم تكون عقوبة الحبس الحالة محل الغرامة عقوبة خاصة بالفقراء, ومن شروط العقوبة الأساسية أن تكون عامة وإلا كانت غيره مشروعة.
وليس في الشريعة ما يدعو للحرص على عقوبة الغرامة وتعميمها في كل الجرائم التعزيرية أو معظمها؛ لأن الشريعة تجعل من عقوبة الحبس عقوبة ثانوية ولأن العقوبة الأساسية في معظم الجرائم هي الجلد، فانعدمت بذلك مساوئ