للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعطى القانون أخيراً لقاضي الإحالة الحق في أن يحيل بعض الجنايات على محكمة الجنح لتحكم فيها لا بالعقوبات المقررة للجنايات وإنما بعقوبة الحبس فقط المقررة للجنح, وليس على قاضي الإحالة قيد في تجنيح الجنايات ما دامت مقترنة بعذر قانوني معين أو بظروف مخففة تبرر تطبيق عقوبة الجنحة, وما دامت عقوبة الفعل الأصلية ليست الإعدام أو الأشغال الشاقة المربدة. والنتيجة العملية للسلطة المعطاة لقاضي الإحالة هي استبدال عقوبة الحبس المقررة للجنح بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤقتة والسجن في كل جناية تحال إلى محكمة الجنح, وهي نتيجة تتفق مع النتيجة التي تؤدي إليها المادة ١٧ عقوبات.

وللقاضي بعد هذا كله أن يأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة إذا كانت بالحبس لمدة لا تزيد على سنة إذا رأى من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون (المادة ٥٥ عقوبات) .

٤٩٩ - العلة في منح القاضي هذا السلطان: وقد اضطر واضعو القانون اضطراراً إلى إعطاء القاضي هذا السلطان الواسع؛ لأنهم رأوا العلماء يخفقون في وضع نظرية علمية للعقوبة ويعجزون عن التوفيق بين مختلف المبادئ التي يراد أن تقوم عليها هذه النظرية, فآثروا أن يحلوا هذه المشكلة المعقدة حلاً عملياً وتركوا للقاضي من بعد التسليم بهذه المبادئ وإقرار نصوص القانون لها أن يوفق هو بين هذه المبادئ المتعارضة, وأن يراعى مختلف الاعتبارات, فعليه أن يقدر خطورة الجريمة وأثرها في الجماعة, وعليه أن يقدر ظروف المتهم الشخصية, وظروفه التي أحاطت به وقت ارتكاب الجريمة, وصلحه مع المجني عليه وصلته به, فإن رأى أن ظروف الجريمة والجماعة تقتضي إهمال شخصية الجاني أهملها وشدد العقوبة. وإن رأى أن ظروف الجاني تقتضي الرأفة أخذ الجاني بالرأفة ما دامت الرأفة لا تضر بالجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>