القوانين عرضة للتغيير المستمر، وفي طبيعتها عدم الاستقرار، ويكفي أن تتغير الهيئة الحاكمة أو يتغير النظام القائم لتتغير القوانين وتنقلب الأوضاع.
النتيجة الثانية: احترام القواعد الشرعية احتراماً تاماًُ، بحيث يستوي في هذا الفريق الحاكم والفريق المحكوم، لأن كليهما يعتقد أنها من عند الله، وأنها واجبة الاحترام، وهذا الاعتقاد بالذات يحمل الأفراد على طاعة القواعد الشرعية، لأن الطاعة تقربهم من الله طبقاً لقواعد الدين الإسلامي، ولأن العصيان يؤدي إلى العقوبة في الدنيا وإلى ما هو شر من العقوبة في الآخرة؛ فنسبة الشريعة إلى الله أدت إلى احترام الأفراد لها وطاعتها، وكل شريعة في العالم تقدر قيمتها بقدر ما لها في نفوس الأفراد من طاعة واحترام، وليس في العالم اليوم شريعة تداني الشريعة الإسلامية في هذا، ولا شك أنه كلما ازداد احترام الأفراد لشريعتهم وزادت طاعتهم لها، استقرت أمورهم، وحسنت أحوالهم، وتفرغوا لشئون دنياهم.
هذا هو شأن الشريعة وما ترتب على نسبتها إلى الله جل شأنه. أما القوانين الوضعية فهي كما قلنا من صنع الفئة الحاكمة، وهي حين تضعها تراعي مصلحتها دون غيرها من الفئات، وتحاول أن تحمي بالقوانين أشخاص رجالها، والمبادئ التي يعتنقونها، والأنظمة التي يقيمونها، فإذا ما ذهبت هذه الفئة وجاء غيرها، تغيرت القوانين لتحمي الفئة الجديدة، والمبادئ الجديدة، والأنظمة الجديدة، وهكذا تتغير القوانين بتغير الحاكمين والمبادئ والأنظمة التي يقوم عليها الحكم، وهي لا تفتأ تتغير وتتبدل بين حين وآخر، وهذا يؤدي إلى عدم احترام القانون، وإلى ذهاب سطوته من النفوس، بل إلى عدم الاكتراث به، حتى لقد أصبحنا اليوم نرى الأحزاب المعارضة تحرض أنصارها على الاستهانة بالقانون والخروج على أحكامه لتصل على أشلائه إلى أغراضها، وما على الأحزاب المعارضة وأصحاب الدعوات الجديدة أو الدعوات الهدامة حرج فيما يدعون إليه، ما داموا يرون أن القانون من صنع أفراد مثلهم، وأنه وضع لحماية أناس ليسوا خيراً منهم، أو أنظمة هي شر في نظرهم،