للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - انخفاض المستوى الصحي والأخلاقي: وتنفيذ عقوبة الحبس يقتضي وضع عدد كبير من الرجال الأصحاء الأقوياء في مكان واحد لمدد مختلفة يمنعون فيها من التمتع بحرياتهم ومن الاتصال بزوجاتهم, ولما كان عدد المحبوسين يزيد عاماً بعد عام والمحابس لا تزيد, فقد اضطر ولاة الأمور إلى حشرهم حشراً في غرف السجون كما يحشر السردين في علبته, وبحيث أصبحت السجون العمومية والليمانات تضم بين جدرانها عدداً يتراوح بين ثلاثة وأربعة أمثال العدد المقرر لها من الناحية الصحية (١) .

أما السجون المركزية هي عادة لا تزيد على غرفتين صغيرتين ولا يقل العدد الذي تضمه في المتوسط عن ستين شخصاً, وبينما تتوافر الوسائل الصحية نوعاً ما في السجون العمومية فإنها تنعدم في السجون المركزية, فلا يوجد في كل السجون المركزية بالقطر المصري فراش للمساجين الذين يقضون مدة حبسهم جلوساً أو نياماً على الأسفلت, كما أن الأغطية في هذه السجون تكاد تكون منعدمة.

وقد أدى ازدحام السجون وعدم توافر الوسائل الصحية بها وحرمان المسجونين من الاتصال بزوجاتهم إلى انتشار الأمراض السرية والجلدية والصدرية, وغيرها من الأمراض الخطيرة بين المسجونين, وتدل إحصائيات سنة ١٩٣٩ (٢) , وهي خاصة بالسجون العمومية والليمانات, على أن ٣٩٩٣ مسجوناً أصيبوا بنزلات شعبية, و٣٦٩ بالتدرن الرئوي وأدران أخرى, و٤٢٢ بالسيلان, ١١٦٠ بالزهري, و٤١٢٨ بالجرب, و١٥٣٤ بالقراع, ٥٣٣٣ بأمراض جلدية أخرى, ٢١٩ بقمل العانة, و٨٦١٨ بخراجات ودمامل, ٩٢٦ بالروماتيزم, بل لقد بلغت حالة الإصابات والأمراض بين المسجونين ٧٤٠٠٠ حالة في سنة ١٩٣٩. وفي عدد هذه الحالات الضخم وفي أنواع الأمراض التي بيناها ما يقطع بانخفاض المستوى الصحي والأخلاقي بين المسجونين.


(١) الإحصائية رقم ١ من تقرير مصلحة السجون لسنة ١٩٣٨- ١٩٣٩.
(٢) الإحصائية رقم ٢٠ من تقرير مصلحة السجون لسنة ١٩٣٨- ١٩٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>