للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتلاً عمدًا إذا قتله فى غير حرب أو حيال أى دفاع عن النفس.

٢٦ - ولا يزيل العصمة ارتكاب أية جريمة أخرى معاقب عليها بالقتل ما دامت العقوبة لا تجب حدًا أو قصاصًا: لأن لولى الأمر فى غير جرائم الحدود والقصاص حق العفو عن الجريمة، وحق العفو عن العقوبة (١)

، ومن ثم كانت العقوبة غير لازمة حتمًا، وكل عقوبة غير محتمة لا تزيل العصمة ولا تهدر الجانى حتى ولو حكم بها لأن من الجائز أن يعفو ولى الأمر عن العقوبة فى اللحظة الأخيرة.


(١) ليس لولى الأمر حق العفو فى جرائم القصاص , ولكن لأولياء الدم حق العفو بمقابل أو بغير مثابل وبالرغم من تقرير هذا الحق لأولياء الدم واحتمال عفوهم حتى اللحظة الأخيرة فإن الجانى يعتبر مهدر الدم لأولياء الدم حتى يعفوا فإن عفوا أو عفا أحدهم عاد معصوم الدم كما كان قبل ارتكاب الجريمة. وقد يظن أن هناك تناقضاً بين حكم هذه الحالة وحكم الجرائم التى لولى الأمر حق العفو فيها , ففى جرائم القصاص يعتبر الجانى مهدر الدم من وقت ارتكاب الجريمة مع أن لولى الدم حق العفو , وفى الجرائم التى يملك ولى الأمر فيها حق العفو يعتبر الجانى معصوم الذنب الى وقت تنفيذ العقوبة. والواقع أنه لا تناقض أصلاً , لأن العقوبة من حق الجماعة لا من حق الأفراد , وولى الأمر يعتبر ممثل الجماعة , وقد اقتضت المصلحة العامة حرمان ممثل الجماعة من حق العفو فى جرائم القصاص , تحقيقاً لعدل والمساواة وحفظاً للدماء , كما اقتضت المصلحة العامة التعجيل فى تنفيذ العقوبة , فأصبحت عقوبة القصاص بهذا لازمة واجبة التنفيذ من وقت وقوع الجريمة , واقتضى هذا النظر اعتبار الجانى مهدراً , فاهدار دم الجانى فى جرائم القصاص اقتضته المصلحة العامة. أما العقوبات التى يجوز فيها عفو ولى الأمر , فإن تقرير العفو فيها استوجبته المصلحة العامة أيضاً , فوجب تحقيقاً لهذه المصلحة أن يعتبر الجانى معصوماً ما دام العفو مكناً؛ لأن العقوبة لا تعتبر لازمة ولا واجبة التنفيذ حتماً ما دام العفو محتملاً , فالأهدار فى جرائم القصاص استوجبته المصلحة العامة , والعصمة فى غيرها اقتضتها المصلحة العامة.. وليلاحظ فوق هذا أن ولى الأمر حين يعفو أنما يعفو عن حق الجماعة وهو حق عام , وأن ولى الدم حين يعفو عن حقه فى القصاص أنما يعفو عن حقه وهو حق خاص , ولا يمكن أن نرتب على العفو عن حقين مختلفين فى طبيعتهما نتائج واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>