للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاتلاً إذ الموت نتيجة لبقاء المجنى عليه فى الماء وليس نتيجة إلقائه فيه. ويختلف الفقهاء فى تطبيق هذا المبدأ فالشافعية يرون أن من فُصد فلم يربط جرحه حتى مات لا يسأل من فصده عن القتل، والحنفية يرون أنه مسئول لأنه أحدث الجرح الذى أدى إلى الوفاة وأن الدفع لم يكن موثوقًا به (١) .

٣ - إذا كان الفعل مهلكًا والدفع سهل كما لو أُلقى من يحسن السباحة فى ماء مُغرق فلم يسبح وترك نفسه يغرق، وكما أُلقى شخص فى نار قليلة يستطاع الخروج منها فبقى فيها حتى احترق، ففى هذه الحالة خلاف، فالبعض يرى أن الفاعل قاتل لأن الإلقاء فى الماء يدهش الملقَى عن السباحة فيغرق، ولأن أعصاب الملقى فى النار تشنج بإلقائه فى النار فتعسر عليه الحركة ولأن العادة ألا يستسلم الناس للموت، فيكون القتل نتيجة للإلقاء، ويرى البعض أن الفاعل لا يعتبر قاتلاً ما دام المجنى عليه كان يستطيع السباحة فلم يفعل والخروج من النار فبقى فيها مختارًا (٢) .

وأسباب الخلاف هو اختلاف وجهة النظر فى تصور حال المجنى عليه فلو علم قطعًا أنه بقى مختارًا فالملقى لا يعتبر قاتلاً بلا خوف ولو علم قطعًا أنه لم يكن مختارًا فى بقائه فالملقى قاتل دون خلاف.

٤٩ - ولا يشترط الفقهاء أن يكون القتل العمد حاصلاً بيد الجانى مباشرة: فيستوى عندهم فى القتل العمد أن يكون مباشرة أو تسببًا فإذا ذبح الجانى المجنى عليه بسكين فهو قاتل عمدًا وإذا أعد الجانى وسائل الموت وهيأ أسبابه للمجنى عليه فهو قاتل عمدًا، ولو كان الموت معلقًا على ظرف معين أو على مشيئة المجنى عليه، فُيعَدُّ قاتلاً عمدًا من يحفر بئرًا فى طريق المجنى عليه ويسترها عن نظره أو جسرًا فى طريقه، ولو كان المرور فى الطرق معلقًا على ظرف خاص أو على مشيئة المجنى عليه، وهكذا فى غير ذلك من الصور ما دام الفعل يحدث الموت بذاته أو ما دام بين الفعل والموت رابطة السببية (٣) .


(١) المغنى ج٩ ص٣٢٦.
(٢) الوجيز ج٢ ص١٢٢ وما بعدها.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٤٠ , المغنى ج٩ ص٣٣٢ وما بعدها, مواهب الجليل ج٦ ص٢٤١ , ٢٤٢, بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>