للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه عمد لأن الجرح لا يعتبر فيه غلبة حصول القتل، ولأن الثعبان والسبع من جنس ما يقتل غالبًا.

وثانيهما: هو شبه عمد لأن الفعل لا يقتل غالبًا.

وإن كتفه وألقاه فى أرض غير مسبعة فأكله سبع أو نهشته حية فمات فهو شبه عمد.

وفى مذهب أحمد من يرى عدم مسئولية الجانى فى حالة الجمع بين المجنى عليه وأسد أو حية لأن الأسد والحية يهربان من الآدمى ولأن الفعل سبب غير ملجئ (١) .

أما فى مذهب الشافعى فيفرقون بين الصبى والبالغ، ويرون أنه إذا وضع جان صبيًا فى مسبعة ولو زبُيْة أسد غاب عنها فأكله السبع فلا مسئولية على الجانى لأن الوضع ليس بإهلاك ولم يلجئ السبع إلى افتراسه.

أما إذا ألقى الصبى على السبع وهو فى زبيته أو ألقى السبع عليه أو أغرى السبع به فهو قتل شبه عمد؛ لأن السبع يثبت فى المضيق وينفر بطبيعته من الآدمى فى المتسع ما لم يكن السبع ضاربًا يقتل غالبًا فهو عمد.

وفى المذهب رأى بمسئولية الجانى كلما عجز المجنى عليه أن ينتقل من المحل المهلك، فإن عجز فالقتل شبه عمد، إلا إذا كان السبع ضاريًا لا يتأتى الهرب منه فهو عمد. فإن كان المجنى عليه يمكنه الانتقال من المحل المهلك فلم ينتقل أو وضع بغير مسبعة فاتفق أن سبعًا أكله أو كان المجنى عليه بالغًا فالفعل هدر لا مسئولية عنه (٢) .

وفى مذهب أبى حنيفة أن لاشىء على الجانى فى كل هذه الصور فى أى حالة، ولو قتله السبع أو نهشته الحية أو لسعته العقرب (٣) .

أما مالك فالفعل عنده فى كل حال قتل عمد، سواء كان الفعل يقتل غالبًا أم لا ما دام القصد منه العدوان المحض (٤) .


(١) المغنى والشرح الكبير ج٩ ص٣٢٤ , ٣٢٥.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٣٣٢ , وراجع ص٢٤٨ أيضاً.
(٣) البحر الرائق ج٨ ص٢٩٤.
(٤) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>